الصفحة الرئيسية

هل العبودية في الإسلام شبهة تستحق الرد - منصة وهم العلمانية

هل الرق في الإسلام شبهة تستحق الرد ؟ (1)

هل الرق في الإسلام شبهة تستحق الرد
ملاحظة : نظراً لطول المقال تم تقسيمه إلى ثلاث مقالات الأول عن العبودية في الإسلام - والثاني عن العبودية في الأنظمة العلمانية والثالث عن العبودية في اليهودية والنصرانية -  ليسهل على القارئ متابعة ما يرغب، وتم حذف بعض الصور للضحايا التي عرضناها في نماذج الفلسفة الإلحادية في القرن العشرين ويمكنكم الحصول عليها في ملف الـ Zip في نهاية المقال والله ولي التوفيق.

أولاً العبودية والتعريف الضائع

قبل حديثنا عن موضوع العبودية ماهو تعريفها؟، سنواجه مشكلة كبيرة في تعريف ماهية العبودية بالضبط، العبودية إلى اليوم ليس لها تعريفاً واضح يمكننا من خلاله معرفة ماهيتها، لمحاولة اسقاط التعريف على التاريخ الإسلامي، ولعل التعريف يصاب بالعجز الكامل عند حديثنا عن شكل العبودية في التاريخ الإسلامي خاصة، فالتعريف الشائع في قواميس الإنجليزية لكلمة عبد هو "شخص مملوك قانونياً من قبل شخص آخر ومجبر على العمل لذلك الشخص بلا أجر" وهذا المفهوم للعبودية في حصر البشرية في أغراض ممتلكة يمكن تملكها من قبل أناس آخرين هو بؤرة تعاريف العبودية في الإتفاقيات الدولية مع العمل في السخرة دون أجر، وتنص الاتفاقية الخاصة بالعبودية لعام 1926م : " أن العبودية هي حالة أو وضع أي شخص تمارس عليه السلطات الناجمة عن حق الملكية، كلها أو بعضها... [وتشمل جميع الأفعال التي ينطوي عليها أسر شخص ما أو احتجازه أو التخلي عنه للغير بقصد تحويله إلى رقيق، والأفعال التي تنطوي على حيازة رقيق بهدف بيعه أو مبادلته، وجميع أفعال التخلي عن العبودية الذي حصلوا عليه ببيعه أو تبادله وبشكل عام كل عمل تجاري أو نقل للعبيد" 

وأزمة التعريف الحقيقة تكمن في محاولة فهم ماهية العبودية، التي إذا ما حاولنا اسقاط التعريف على التاريخ الإسلامي وجدنا أن تاريخ الإسلام لم يمارس العبودية! ، فتعريف العبودية يقتصر على شقين الأول: أن يكون شخصاً مملوكاً لشخص آخر قانونياً والثاني: أن يعمل لمالكه دون مقابل، تقتصر اغلب التعاريف الدولية على التركيز على هذه النقطتين، ولكن الأمر يصبح مغالطة عند محاولة اسقاطه على التاريخ الإسلامي كون هذا التعريف تم استخراجه من العبودية الرومانية، فالعبيد في الإسلام كانوا يشغلون مناصب في الدولة ومنهم العلماء والفقهاء والقادة والوزراء ويتم النفقة عليهم وإلا يرغم السيد على بيعه أو تحريره، وأما في حق الملكية فقد كان يحق للعبد في حال عدم رضاه عن سيده أن يبيع نفسه متى شاء لسيد آخر كما يقول ويليام هولت والرحالة جيرارد دي نرفال وغيرهم ممن عاشوا وشهدوا بهذا، وهنا يكون السؤال ما الفرق بين عرض لاعب كرة نفسه للبيع مع نادي آخر وبين العبد في دولة إسلامية؟ 
وليام هولت : [ إن العبودية عند العثمانيين في شكل متسامح للغاية حتى إن العبيد السود نادراً ما يتعرضون لسوء المعاملة، فقبل أن يشتري الرجل عبدًا هناك، يسأله دائمًا
ويطرح السؤال ذاته ما هو التعريف الواضح للملكية الذي يمكن من خلاله الحكم على أن الشخص واقع في العبودية؟ إذا كان شراء نادي للاعب ما، ليست ملكية كالعبودية لأنه يملك حرية فسخ العقد والعثور على نادي آخر ليشتريه بإرادته، فهنا حرية الإرادة ذاتها كانت مع العبيد بالعثور على سيد آخر مناسب ليشتريهم، وإذا كان المال الذي يحصل عليه اللاعب من النادي هو ما جعلنا نصنفها بأنها ليست عبودية فالعبد أيضاً يٌنفق سيده عليه وعلى أولاده إذا وجد الديه أولاد، واذا كان الاتفاق بالتراضي بين النادي واللاعب هو الذي جعلنا نُصنفها بأنها ليست ضمن الإتجار بالبشر، فهل يمكن تصنيف الدولة العثمانية بأنها لم تمارس العبودية قط؟ حيث أن العبيد كانوا يملكون ذات الإرادة وكان يتم الاتفاق معهم قبل الشراء؟ 

هذا يجعل تعريف الملكية في تعاريف العبودية المشهورة يبدو هشاً، هذا دون توضيح كيف غير الإسلام معاني العبودية جذرياً وكيف اصبحوا يعاملون كجزءً من الأسرة، وهذا بتعريف المستشرقين الذين كانوا يدرسون الرق في دولة الإسلام ووصفوه بأنه نوع من أنواع التبني فمثلاً الطبيب الفرنسي والمسيحي أنطون كلوت الذي عاش في مصر فترة من حياته حين ذكره لحال العبودية عند العرب قال : "لدرجة أنني لن أستخدم كلمة العبودية في الحديث عن الرق عند العرب هناك بالفعل فرق شاسع بين العبودية الأمريكية واستعباد الشرقيين ... يمكن للمرء أن يقول عن العبودية عند العرب غالبًا ما يكون تبنيًا حقيقيًا ودائمًا ما يكونون ضمن دائرة العائلة.
لدرجة أنني لن أستخدم كلمة العبودية في الحديث عن الرق عند العرب هناك بالفعل فرق شاسع بين العبودية الأمريكية واستعباد الشرقيين ... يمكن للمرء أن يقول عن العبودية عند العرب غالبًا ما يكون تبنيًا حقيقيًا ودائمًا ما يكون ضمن دائرة العائلة
ويقول الأديب والرحالة الفرنسي جيرار دي نرفال : "أين هو الرحالة الذي لم تدركه الدهشة من رفق العبودية الشرقية، العبد أشبه بالابن المتبنى، وهو جزء لا يتجزأ من الأسرة. وكثيرا ما يصبح وارثاً لسيده. وغالباً ما يعتق بعد موت سيده وتكفل له وسائل العيش. لا ينبغي أن نرى في العبودية في البلاد الإسلامية إلا وسيلة لاستيعاب إيمان مجتمع يحاول فرض قوته على الشعوب البربرية"
يقول الأديب والرحالة الفرنسي جيرار دي نرفال :
ومن نفس تعريف الرق الدولي ووصف المستشرقين لها هنا، استطيع السؤال ما الفرق بين العبد في الإسلام والأبناء؟
إن مفهوم الملكية في التعاريف الدولية والمعاجم الإنجليزية اليوم مستخرج من مفهوم الملكية في العبودية الرومانية، حيث كان أكبر مصدر للرق حينها بتخلى الوالدين عن اطفالهم للدائن لسداد ديونهم أو دفع الجزية الباهظة التي كانت تفرض على الشعوب، ونحن نفهم هنا أن فور تخلي الوالدين عن ملكية ابناءهم يصبحون ملكية للشخص اللآخر، وهذا يعتبر نقل ملكية، يجعلنا صراحة ملكاً للآبائنا! بشكلاً أو بآخر، مع العلم إن الأبناء يخدمون آباءهم دون مقابل غير النفقة وبعض المصروف يعتبر مشابه تماماً للعبيد في الإسلام حيث اوجبت الشريعة الإسلامية نفقة السيد على عبيده واطفالهم مقابل الخدمة!.
 وإذا قلت أن الولدان يرعون اطفالهم بحب ولن يكلفوا أطفالهم مالا يطيقون بعكس العبيد  فسأخبرك أن الإسلام نهى عن تكليف العبيد مالا يطيقونه لنهي النبي ﷺ  عن تكليف العبيد أو الإماء مالا يطيقون من الأعمال الشاقة أو اكراههم، لهذا ومن حمل عبده مالا يطيق في الإسلام يتم عقوبته وتعزيره بعد تحذيره ونقرأ في كتاب الإقناع في حل ألفاظ أبي شجاع " إذا كلف السيد عبده ما لا يطيق فإنه يحرم عليه ولا يعزر أول مرة وإنما يقال له لا تعد، فإن عاد عزر"
كتاب الإقناع حل ألفاظ أبي شجاع [ إذا كلف السيد عبده ما لا يطيق فإنه يحرم عليه ولا يعزر أول مرة وإنما يقال له لا تعد، فإن عاد عزر]
قكان العبيد في التاريخ الإسلامي يقومون بالخدمات البسيطة، كالخدمات المنزلية وما يقرب لنا الصورة هو ما كتبه الأديب الفرنسي جيرارد دي نرفال حين زار العرب وكتب متحدثاً عن سوق النخاسة هناك قائلاً : "العبد الوحيد الذي بكى هناك [عند العرب] كانت على فكرة فقدانه لسيده بينما بدا أن العبيد الآخرين قلقون فقط من البقاء لفترة طويلة دون العثور على أي سيد، يبدوا هذا بالتأكيد شاهد لصالح المسلمين تجاه عبيدهم، ... إن الفلاح في مصر هو الذي يعمل في الحقل وحده ولا يستخدم عبده حفاظاً على قوى عبده الغالي ولا يكاد يشغل عبده إلا في الخدمة المنزلية هذا هو الإختلاف الهائل الموجود بين عبيد البلاد الإسلامية وعبيد البلاد المسيحية ... إذن ماهو الحق باسم أفكارنا الدينية أو الفلسفية لوصم عبودية المسلمين بالعار؟"
وإذا اسقطنا تعريف الملكية لكلا المثالين السابقين عن الأبناء والعبيد في الإسلام لا نكاد نجد فرق!، لهذا ليس من الغريب وصف المستشرقين والرحالة للعبودية عند العرب كنوع من أنوع التبني.
فماهو الإعترض المنطقي هنا وما الفرق بين ملكية الأطفال وخدمتهم لآباءهم وبين خدمة العبد لسيده؟ ولما نعتقد أن خدمة الأطفال لآباءهم دون مقابل غير النفقة  ليست سخرة وتختلف عن خدمة العبد لسيده مقابل النفقة؟
هذا بسبب ربطنا للعبودية  في اذهاننا بالمذلة والإيذاء الجسدي والألم بصورة نمطية ترسخت عبر القصص المصورة والسينما وهذا المقال والمقارنة التاريخية لمناقشة هذه الصورة للعبودية في الإسلام.

فنحن نعتقد أن الوالدان لن يأذوا أطفالهم جسدياً أو نفسياً بعكس السيد وعبده!، ولكن هذا أيضاً خاطئ، فقد فرضه الإسلام في معاملة الأسياد لعبيدهم حرمة سبهم أو شتمهم كما في حديث أبا ذر حين شتم عبده، ونهي النبي  ﷺ عن تسميتهم حتى بالعبيد وقال لا تقل عبدي وأمتي بل قل فتاي وفتاتي، ومنع أي إيذاء جسدي يلحق بهم، ومن صفع عبده أو ضربه في الشريعة الإسلامية فإنه يعتق العبد ويؤخذ منه لحديث النبي ﷺ
من ضرب عبده أو مملوكه فكفارته أن يعتقه
فحرم تسميتهم بالعبيد حتى لما فيها من معنى تأنف النفس منه وهذه الوصمة التي أزالها الإسلام والتي كان يقصدها رونالد بودلي حين قال " ‏حول محمد انتباهه إلى مشكلة الرق فما كان يقدر أن يحرمه كلية فخفف قوانينه وشجع فك الرقاب وأضاف أنه لا وصمة عار بالعبد المحرر فله كل فرص الحر "
حول محمد انتباهه إلى مشكلة الرق فما كان يقدر أن يحرمه كلية فخفف قوانينه وشجع فك الرقاب وأضاف أنه لا وصمة عار بالعبد المحرر فله كل فرص الحر
ومن مفهوم الملكية في كلا المثالين؟ الآن ما الفرق بين علاقة الآباء مع ابناءهم وبين العبد وسيده في لإسلام؟

نحن ببساطة نشعر أن هناك شيئاً خاطئ في تمثيل علاقة الآباء مع أطفالهم بالعبيد مع أسيادهم في الإسلام، وهذا لأننا اليوم نعيش واقع علاقة الأسرة ونفهم دفئها ولكن لم نعش طبيعة العلاقة والمعاملة التي فرضها الإسلام بين السيد والعبيد لنفهمها، كوننا كما قلت سابقاً نربط العبودية بصور سينمائية مؤلمة  ترسخت في اذهاننا، بينما غالبية المستشرقين الذين رأوا حقيقية تلك العلاقة بين السيد وعبده عرفوها بأنها نوع من التبني مثل الأديب والرحالة الفرنسي جيرارد دي نرفال حين قال :"عليك أن تعيش قليلاً في الشرق لتدرك أن العبودية لديهم من حيث المبدأ هي أقرب إلى نوع من أنواع التبني من المؤكد أن حالة العبد هناك أفضل راحة من حالة الفلاح الحر ... هناك العبيد على الأقل ، يمكنهم الحصول على عمل منتظم ومستمر إذا وافقوا على ذلك ، لأن العبد غير الراضي عن سيده يمكنه دائمًا إجبار سيده على إعادة بيعه إلى البازار هذه التفاصيل هي واحدة من تلك التي تفسر على أفضل وجه لطف العبودية في الشرق"
 فقد نُزعت النظرة الدونية من العبيد ولم يصبح العبد سوى أخاً لسيده كما أمر سيدنا محمد ﷺ حين قال : " هم اخونكم حولكم جعلهم الله تحت أيديكم فمن كان أخوه تحت يديه فليطعمه مما يأكل ويلبسه مما يلبس ولا تكلفوهم ما يغلبهم وأن كلفتموهم فأعينوهم ومن لم يُلائمكم منهم فبيعوهم ولا تعذبوا خلق الله"
أخونكم حولكم جعلهم الله تحت أيديكم فمن كان أخوه تحت يديه فليطعمه مما يأكل ويلبسه مما يلبس ولا تكلفوهم ما يغلبهم وأن كلفتموهم فأعينوهم ومن لم يُلائمكم منهم فبيعوهم ولا تعذبوا خلق الله
ولعل ما يقرب الصورة في طاعة المسلمين بتنفيذ أمر نبيهم هنا بما كتبه المؤرخ موراي جوردون في كتابه العبودية في العالم العربي قائلاً :" لقد كان العبيد روحاً متساوية مع أسيادهم هذا القانون بالذات الذي أجبر المسلم على مشاركة طعامه وملابسه مع عبده وعدم إرهاقهم أو معاقبتهم في حال مخالفتهم وقد حثهم على إعتاق عبيدهم وفتح الطريق لهم لشراء حريتهم"
موراي جوردون في كتابه العبودية في العالم العربي قائلاً :
وفي إحدى التعاريف الدولية للرق تصف العبودية بأنها "السلطة الناجمة عن المجتمع تجاه فرد او محموعة أفراد قسراً" ولكن هذا التعريف عن السلطة أيضاً في أزمة عند اسقاطه على تاريخ الإسلام، فقد كان العبيد عادة يتقلدون أعلى المناصب السياسية في الدولة، ويشهد التاريخ لهذا بأمثلة كثيرة أقلها خلفاء العباسيين من أولاد الجواري وأمهات سلاطين عثمان ودولة المماليك وأمثلة عن قادة جيوش الدولة السلجوقية وبيبرس وسيف الدين قطز وغيرهم الكثير،، فقد كان العبيد هنا هم من يملكون نفوذ وسلطة على المجتمع بعكس التعريف!، نحن نعلم أن ليس للعبد تولي الخلافة كونه مأمور ومن شروطها الحرية، ولكن هذا في أمر الخلافة فقط، أما في تعينهم ولاة وقادة للجيش أو وزراء فمباح، والصورة التالية تأملوها فقط، فكان ولاة أهل الشام واليمن ومصر وأهل خرسان ومكة والبصرة جميعهم من العبيد الموالي الذين تم تعينهم ولاة على تلك المناطق، فهل يمكن أن نصف شخصاً لديه سلطة ونفوذ على المجتمع بالعبد؟، نعم هو في الإسلام عبد فعلاً ولكنه كمسمى شكلي بعد تعديل الإسلام لهذه المؤسسة 
مرفق لعدد الولاة الذين كانوا من الموالي في عهد عبدالملك بن مروان فقط
ولأجل هذا تجد المستشرقة آن ماري شيميل تقول : "إن تاريخ الإسلام بأكملة يثبت أن العبيد يمكنهم أن يشغلوا أي منصب وكان من المناسب للعديد من العبيد العسكريين السابقين أن يصبحوا قادة عسكريين وفي كثير من الأحيان حكاماً"
إن تاريخ الإسلام بأكملة يثبت أن العبيد يمكنهم أن يشغلوا أي منصب وكان من المناسب للعديد من العبيد العسكريين السابقين أن يصبحوا قادة عسكريين وفي كثير من الأحيان حكاماً]
إن المشكلة الحقيقية في الأمثلة السابقة هي صعوبة تسمية غالبية العبيد في الإسلام بمصطلح عبيد!! كما قال المستشرق والمؤرخ الأسكتلندي السير هاميلتون جيب: "من المؤسف أن نضطر إلى استخدام كلمة "عبد" للإشارة إلى الأشخاص الذين يتمتعون بهذه المكانة.. هي مناسبة فقط من بعض النواحي، العبيد في الإسلام لديهم حقوق مطلقة على أسيادهم وملوكهم لكن استعبادهم لم يكن يحمل في طياته أي دونية اجتماعية،. لم يُفرق بين العبيد المولودين لسيد حر وأولئك الذين كانت أمهاتهم أحرارًا أيضًا. في الواقع ، فإن معظم الخلفاء العباسيين في بغداد ، ناهيك عن السلالات الصغيرة ، ولدوا من أمهات العبيد."
قال المستشرق والمؤرخ أسكتلندي السير هاميلتون جيب:
وقد شهد المستشرق الهولندي الحاقد على الإسلام سنوك هورخرونيه الذي دعا الى دراسة الشرق لإستعماره عن ماهية العبودية في الشرق قائلاً :"إن غالبية العبيد الذين يتم تحريرهم يذهبون للعمل كسقائين أو حمالين وغالبيتهم يفضلون البقاء مع أسيادهم حيث يعاملون كجزءً من الإسرة" ويقول "بحيث لا تشكل العبودية سوى مظهر شكلي واسمي فقط والخدم في المنازل عادة ما يتم تحريرهم حين يبلغون سن العشرين"
وهذه شهادة عظيمة من مستشرقاً حاقد على الإسلام، فمن الصعب وصف العبودية في الإسلام بتعريف محدد يمكن اختزاله كون العبودية اصبحت مسمى شكلي بعد تعديل الإسلام لبنية هذه المؤسسة وانتزاع نظرة الدونية منها، وكما يذكر المستشرقون هذا، أو كما قال بوركهارت " لم تكن العبودية عند العرب سوى بالإسم" اصبحت مؤسسة الرق قائمة على مبدأ كفالة المعيل وتبادل المصلحة هو الأساس القائم عليها في الإسلام، وهذا ليس قولي بجمل انشائية بل هو ما شهدت المستشرقة الألمانية زيغريد هونكه قائلة : "لقد كان الرق عند العرب أقرب الى تبادل المصلحة بين الطرفين لإعالة المعدم وتحمل المسؤولية تجاه الآخرين"
فتأهيل العبد نفسياً ورعايته ورفع مكانته الإجتماعية نفسياً والإحسان إليه إلى أن يبلغ أشده وجعله في دائرة العائلة والنفقة على إحتياجاته، مما يحق لنا أن نفخر به في شريعتنا فهم إخواننا جعلهم الله تحت أيدينا فتأهيل العبد البائس وتوارث رعايته هو وأولاده بعد موت سيده من الأب الى الأولاد بالخدمة مقابل الإعالة وفتح الخيار له بالمكاتبة حين يشاء باثبات قدرته على الكسب، خيراً من رميه دفعة واحدة لعالم موحش لا يستطيع رعاية نفسه فيه، وهذا ما جعل غالبية العبيد يرفضون قرار التحرير المفاجئ للرق في كثير من المناطق، لدرجة أنه عند قرار الغاء الرق في الشرق طالب العبيد بإعادة النظر في هذا القرار وصدمة التحرير المفاجئ رافضين له لعدم رغبتهم في ترك أسيادهم الذين أحسنوا إليهم !! فتقول نوليا دي موسى : "كقاعدة عامة كان المالكون العرب يعاملون عبيدهم "بشكل جيد" وُطلب النظر في صدمة التحرير المفاجئ للعبيد عن أسيادهم "الطيبين" وإلقائهم فجأة على نفقتهم الخاصة في نوبة من الغياب الانساني ، شهد على المعاملة الحسنة للعبيد إذ أنكسرت الربطة القوية التي كانت تربط السيد والعبد."
ويكفي أن أُذكركم بما ذكرته المؤرخة ساندرا الين جرين عن محاولة الاستعمار الألماني لتحرير عبيد نيجيريا دفعة واحدة واندهاشهم من رفض معظم العبيد من ترك أسيادهم المسلمين واستمرارهم بالعمل مع اسيادهم في حصاد النخيل وكان العبيد أحرار بالعمل في أي مهنة يريدونها وقبض الأجر عليها حينها ورغم هذا رفضوا ترك من يرعاهم
رفض بعض العبيد ترك أسيادهم رغم رغبات أسيادهم في ذلك وجاء رئيس دوالا للرجل وتوسل إليه أن يطلق العبد الذي يملكه بشكل قانوني، جادل العبد الذي رافقه بأنه رفض إطلاق سراحه وأن سيده يحاول التخلص منه لأنه يكرهه وأصر على البقاء عبدًا لسيده.
فقد كان العبد يُقرب من الأسرة ثم يُعتق ثم يعتلي أعلى المناصب ولا يُنظر له باحتقار لأنه كان عبدًا فالمسلمون كانوا لا يرون في الرق أو العبودية وصمة عار أو نقصًا في آدمية صاحبة أو قيمته بل ظرف اجتماعي، ونحن اليوم من نرى في العبودية نقصًا ووصمة عار لهذا نعاني مع هذا المصطلح، أما في تاريخ المسلمين فقد كانوا إخوانهم كما أمر النبي ﷺ ، ويكفي أن نذكركم أن أمهات أولاد سلاطين عثمان كانوا من العبيد ووالدة السلطان العثماني كانت من العبيد وصهره الذي تزوج أخته ايضاً كان من العبيد وحكام الدولة المملوكية من العبيد وأبناء الجواري في الدولة العباسية منهم الخلفاء والعلماء الذين نوقرهم.

فاذا افترضنا مثلاً عزيزي القارئ أنك أنت السلطان أو رئيس الدولة ثم رأيت أحد عبيدك يطلب يد ابنتك للزواج، هل تقبل؟
إن معظمنا اليوم يربط العبودية بصورة نمطية ذليلة رسختها نصوص السينما لشخصاً مهان وفقير في أذهانهم، وقد تأنف نفوس بعضهم بالطبع لمقارنتهم الفارق الإجتماعي بين العبد والسلطان، ولأنهم يشفقون على العبد وفي نفس الوقت يرونه ذليلًا صغيرًا ومهانًا قد سلبت شخصيته من أثر ضرب السياط عليه بتلك الصورة الخيالية قد يرفضون، فأنت هنا من ترى في العبودية والرق وصمة عار وإنتقاص من صاحبها ومكانته، ونرجو منك تغيير نظرتك هذه  لعظماء تاريخنا رجاءً!، كون المسلمين والقادة السياسين وإن كان لهم مناصب في الدولة قبل ثلاثة أو أربعة قرون كانوا  لا يأنفون من تزويج بناتهم لعبيدهم مثل صقللي باشا فقد كان عبد السلطان وصهره،  وقد شهد لهذا الأديب والرحالة الفرنسي الشهير جيرارد دي نرفال الذي عاش عند العرب فترة قائلاً في كتابه: "يعتقد الفرنسيون بسهولة  أنه إذا بكى عبد ما، فهذا بسبب حزنه على فكرة بيعهعدم قدرته، لا يعلمون أن العبد الوحيد الذي بكى عند العرب، بكي على فكرة فقدانه لسيده!، لأن في الواقع حالة العبيد عند العرب مختلفة عنها في الغرب، ففي الشرق آخر خادم من الرقيق كان حارسًا للباشا ثم وزيراً تزوج بنت السلطان العمر ليس له علاقة، آمل أن لا يتركنا الشرقيين إلا عند الموت"
الرحالة الفرنسي الشهير جيرارد دي نرفال الذي عاش عند العرب فترة قائلاً في كتابه:
فأنت من تحتاج حقيقة أن تعدل أخلاقك ونظرتك للعبيد بروح الإسلام لا بصور السينما مع مشاعراً وردية، فلا شأن للرق بالتقليل من شأن صاحبه ، فقد أزال الإسلام وصمة العار المرتبة بالعبودية والتي ما تزال أنت عالقًا بها، فالإيمان والتقوى هو المعيار في التكريم، ولنفهم تعديل روح هذه المؤسسة من قبل شريعة الإسلام ونقرب الصورة نذكر ما قاله المؤرخ البريطاني توماس أرنولد عند دراسته للعبودية في الشرق وكتب قائلاً: "نظمت الشريعة الإسلامية مسألة الرق وسُلبت عن العبودية الكثير من سماتها القاسية، ويظهر أنه لم يكن هناك أثر في تركيا لشيء من أمثال تلك الأعمال الوحشية والفظائع التي كانت في ولايات القرصنة في إفريقيا الشمالية، فقد كان للعبيد حقوق كما كان لسائر المواطنين هناك، بل إن للعبد أن يقاضي سيده إذا أساء معاملته او استخدامه واذا تبين ذلك فإن القاضي يلزم سيده بأن يبعه"
نظمت الشريعة الإسلامية مسألة الرق وسُلبت عن العبودية الكثير من سماتها القاسية، ويظهر أنه لم يكن هناك أثر في تركيا لشيء من أمثال تلك الأعمال الوحشية والفظائع التي كانت في ولايات القرصنة في إفريقيا الشمالية، فقد كان للعبيد حقوق كما كان لسائر المواطنين هناك، بل إن للعبد أن يقاضي سيده إذا أساء معاملته او استخدامه واذا تبين ذلك فإن القاضي يلزم سيده بأن يبعه]
فقد كان العبيد يتزوجون من بنات سادتهم ويتقلدون أعلى المناصب فلم يكن المسلمون يرون في الرق عار كما ذكرنا وكما يقول الطبيب والمؤرخ غوستاف لوبون هنا.
غوستاف لوبون حضارة العرب : ترى في الشرق عبدًا زوجاً لأبنة سيده وإن ترى أُجراء منهم قد أصبحوا من الأعيان
فهل ترى رجل يصاهر عبده ويزوجه إبنته وهو يرى أن في العبودية عار يقلل من قيمة صاحبه؟
كل هذا من خيالات السينما التي جعلت الناس ينظرون لعبيد الإسلام بصورة مهانة وذليلة فاحترم أئمة وعلماء وقادة وفاتحين وخلفاء كانوا من العبيد ونفخر بهم في تاريخنا الإسلامي وكف عن النظرة المشفقة هذه لحال من صنعوا تاريخنا :
العلماء والقادة والفاتحين والفقهاء الذين كانوا من العبيد
 
فما هو تعريف العبودية الواضح الذي يمكن من خلاله وصف ماهية العبودية في الإسلام؟
نحن لا نقول إن تعاريف الرق الدولية تعاني من أزمة في تعريف ماهية العبودية اليوم، ولكن نقول أنها تصبح في أزمة حين محاولة اسقاطها على شريعة الإسلام وتاريخه، كون الإسلام لم يأتي ليحرم العبودية بتاتاً لأنها حاجة اجتماعية ولكنه جاء لتغيبر ماهية هذه المؤسسة من جذورها بضوابط وأحكام عملت على تغيير مفهوم علاقتها الضمنية وحقوقها، وتركها مباحة في حدود ما فرضه.

واتيح للعبيد ايضاً المكاتبة لحريتهم ويدفع مال المكاتبة كاملاً من بيت المال في حال عدم امتلاكه قيمة المكاتبة، يمكنك تخيل انك عبدًا في الإسلام وأردت أن تكاتب سيدك لتتحرر وثبت أن لديك القدرة على الكسب وإعالة نفسك وهو شرط آية المكاتبة "ان علمتم فيهم خيرا" فلك ان تكاتب سيدك رغم أنفه، وما يقرب الصورة قصة ابن سيرين حيث كان عبداً لأنس بن مالك ولديه القدرة، فرفض أنس مكاتبة عبده سيرين ليتحرر، فاشتكى سيرين الى عُمر بن الخطاب فذهب عُمر غاضبًا الى أنس يكلمه بشأن مكاتبته فرفض أنس ذلك فأخذ عُمر بن الخطاب درته يضربها  على رأس أنس وهو يتلوا قوله تعالى : "كاتبوهم إن علمتم فيهم خيرا" تخيل الموقف
قال البخاري : وقال روح ، عن ابن جريج قلت لعطاء : [ أواجب علي إذا علمت له مالا أن أكاتبه؟ قال : ما أراه إلا واجبا . وقال عمرو بن دينار : قلت لعطاء ] ، أتأثره عن أحد؟ قال : لا . ثم أخبرني أن موسى بن أنس أخبره ، أن سيرين سأل أنسا المكاتبة - وكان كثير المال ، فأبى . فانطلق إلى عمر بن الخطاب فقال : كاتبه . فأبى ، فضربه بالدرة ، ويتلو عمر ، رضي الله عنه : ( فكاتبوهم إن علمتم فيهم خيرا ) ، فكاتبه
ولم تشترطالشريعة  المال في العبد ليتحرر ويكاتب بل اشترطت قدرته على الإكتساب وإعالة نفسه
مسألة من كان له مملوك مسلم أو مسلمة فدعا أو دعت إلى الكتابة ففرض على السيد الإجابة إلى ذلك ويجبره السلطان ... ولم يشترطوا المال بل تكفي القدرة على الإكتساب
وإذا كان العبد فقيراً وليس له مال يُدفع كل مال المكاتبة من بيت مال المسلمين لقوله تعالى بعد الآية"فاتوهم من مال الله الذي أتاكم"، وأيضاً يحق للسيد ان يدفع زكاة ماله على عبده المكاتب لأنه من ضمن أبواب الزكاة "وفي الرقاب" وللعبد ان يرد ذلك المال لسيده فوراً ويقول لسيده "قضيت مكاتبتي وانا حر"
المغني لابن قدامة : إذا ثبت هذا ، فإنه يدفع إلى المكاتب جميع ما يحتاج إليه لوفاء كتابته ، فإن لم يكن معه شيء ، جاز أن يدفع إليه جميعها وإن كان معه شيء ، تمم له ما يتخلص به

 كان لا يفصل العبد في الإسلام عن الحرية سوى رغبته الخاصة بعد إثبات أنه قادر على الإعتماد على نفسه وهذا يجعل حرية العبد بين يديه حينما يريد، ورغم هذا فضل اغلبهم البقاء في كنف اسيادهم، وكما يقول غوستاف لوبون : "وأعترف جميع السياح الغربيين الذين درسوا العبودية عند العرب دراسة جدية أن الضجة المغرضة التي انشأها الأوربيين لا تقوم على اساس صحيح، وأحسن دليل يقال تأييداً لهذا هو أن الموالي الذين يرغبون في التحرر بمصر ينالونه بإبداء رغبتهم فيه أمام القضاة وهم لا يلجأون إلى حقهم هذا في الغالب". 
وهذا يجعل حق الملكية في التعاريف الدولية كما هو مفهوم غير موجود في تاريخ الإسلام، كون الحرية والإرادة في نهاية الأمر كانت في يد العبيد، إن المستشرقين الذين وصفوا العبودية عند العرب بأنها اقرب إلى نوع من أنواع التبني ومعاملو المسلمين لهم كجزءً من الأسرة تجعلنا نعلم واقعية التعديلات الضمنية  التي عدلها الإسلام للعلاقة بين السيد والعبد، وفي المثالين الذي ذكرناهما عن لاعب الكرة الذي يقرر بيع نفسه لنادي آخر  ومفهوم الملكية بمثال الآباء واطفالهم؟ لم نستطع ايجاد فروق جذرية في الأمر غير المشاعر والخيالات السينمائية المترسخة عن ماهية العبودية، فماهو الفرق بينتلك الأمثلة وبين العبيد في التاريخ الإسلامي؟ وأي تعريفاً محدد يصف ماهية العبودية الذي يمكننا اسقاطه على التاريخ الإسلامي لنصف ماهية العبودية هناك؟

وكما قال ديفيد ديفيس، وهو عالم بارز في تاريخ العبودية "كلما تعمقنا في تعلمنا عن العبودية، زادت صعوبة تعريفنا له"، وقد ثبت بالفعل أنه من الصعب جداً التوصل إلى تعريف عام للعبودية، وكما لاحظ أحد العلماء البارزين عن العبودية في العصر العثماني، فإنه من الصعب التعامل مع العبودية كظاهرة واحدة يمكن تعريفها فقط في الدولة العثمانية، فماذا عن العالم أجمع!.

التعريف ذاته لا يمكن اسقاطه على العبودية الحديثة اليوم، فتجد صور العبودية اليوم بل معانيها ما زالت موجودة في الغرب وقد تم التلاعب بالمصطلح بسهولة وتقنين العبودية بصورة أخرى وتشريعها من  قبل الحكومات والمنظمات بطابع الحرية وهذا الذي عبرت عنه الناشطة الحقوقية دورشين ليدهولت أن العبودية الحديثة  اليوم هو "بغاء معولم" قائلة "إن الفروق بين الدعارة والاتجار بالنساء حديثة نسبيًا وقد تم الترويج لها من قبل المنظمات والحكومات التي تعمل على إضفاء الشرعية لها - أو تقنين الدعارة كعمل، إن الدعارة والاتجار بالبشر مرعبان بشكل أساسي لدرجة أنه يمكن النظر إلى الاتجار بالجنس على أنه "بغاء معولم" بينما الدعارة العامة غالبًا ما تكون ممارسة "الإتجار المحلي للنساء"
والإتجار المحلي بالنساء هو ما نجد صورته اليوم في أمستردام في منطقة الضوء الأحمر Red Lights" " في هولندا حيث يتم عرض النساء في الشوارع لممارسة البغاء مع السياح، فتجد المرأة واقفة في مكان مفتوح خلف النوافذ، ومضاءة بالأضواء الحمراء، ليأتي الرجل ويختار المرأة التي تروق له في صورة حقيقية لمعنى الامتهان والعبودية الحديثة باسم الحرية، وهذا المظهر لم يصنف ضمن مظاهر العبودية بحيث أن لهن حرية الإرادة ولسن مملوكات.
الدعارة الهولندية وعرض النساء كالأحذية
لا يمكن وصف هذا الشارع بأنه سوق نخاسة!! لأن حق الملكية غير موجود، وهن يعملن هنا بمقابل مادي فهي ليست ضمن السخرة،وبهذا لا يمكن تصنيف هولندا بأنها تمارس الرق،  بالرغم من أن التقرير أشار إلى أن العديد من بائعات الهوى في أمستردام هن في الحقيقة ضحايا الإتجار بالبشر  ولكنهن لم يصرحن بذلك ، ومن هذا لا يمكن تصنيف شراء نادي للاعب كرة قدم بأنه ممارسة للرق ولا يمكن تصنيف المجتمعات العثمانية أنها مارست الرق ولا يمكن أيضاً تصنيف هولندا أنها تمارس العبودية لأن الأمثلة السابقة كان فيها الضحية يملك الإرادة في تغير حاله، مثله مثل العبد الذي اتيحت له المكاتبة، وهذا يتنافى مع تعريف العبودية المحصور في الملكية، بالرغم من أن الهولنديات مجبرات على العمل إما بسبب تخلي  أهاليهن عنهن أو  بسبب تاجر بشري قام باستغلالها،  وهن لا يعملن في هولندا بشكل قانوني وحسب، بل تشير التقارير إلى أن النساء العاملات في منطقة الضوء الأحمر لم يخترن مهنتهن هذه ولكن أرغمتهن الظروف.
كذلك إذا غاب حق الملكية تصبح العبودية قانونية فمن التعاريف الدولية للعبودية لا يمكننا من خلالها تصنيف الصورة السابقة للشارع الأحمر في هولندا ولا التاريخ العثماني ولا القانون الـ (50) لإتفاقية جنيف لحقوق الإنسان المقدمة من الأمم المتحدة والتي تجيز إرغام أسرى الحرب على الخدمات المنزلية أو الزراعة أو الصناعية والعمل كعقوبة أنه شكل من أشكال العبودية!!.
وكل هذا ببساطة لأن التعاريف الدولية لماهية العبودية تفتقر للموضوعية، فاستخدام اسرى الحرب في الخدمة في الإسلام لا يختلف عن القانون الـ (50) لإتفاقية جنيف الدولية غير في حق الملكية وإهداءه لخدمة شحص آحر، وإذا علمنا أن الأسير يحق له الفدية وشراء حريته في الإسلام وحق العبيد في بيع انفسهم متى شاؤوا لسيد آخر في حال عدم رضاهم عن اسيادهم ويعملون بمقابل نفقتهم، فلا يمكننا معرفة الفرق بينهم وبين لاعب عرض بيع نفسه لناديٍ آخر كونه غير راضٍ عن النادي الذي هو فيه ولا يمكن تصنيف هذا كشكل من أشكال العبودية، وكل هذه الأزمة في التعريف ببساطة لأن الإسلام لم يأتي ليحرم مؤسسة العبودية، بل جاء لتعديل ماهية هذه المؤسسة وتحويلها إلى تبادل منفعة بين طرفين مع حفظ الحقوق والواجبات وتركها مباحة في إطار ما فرضه، كما تذكر المستشرقة والمؤرخة الألمانية زيغزيد هونكه قائلة: "لقد كان الرق عند العرب أقرب الى تبادل المصلحة بين الطرفين لإعالة المعدم وتحمل المسؤولية تجاه الآخرين"
لقد كان الرق عند العرب أقرب الى تبادل المصلحة بين الطرفين لإعالة المعدم وتحمل المسؤولية تجاه الآخرين]

العبودية وأخلاقيته

أولاً : أنبه القارئ اننا لا نحاول بأي طريقة كانت إثبات أن الرق الذي جاء به محمد ﷺ، أهون من الرق الذي سبقه أو جاء بعده، أو أن الإسلام حث على فك الرقاب أو أن العبودية في الإسلام خير من العبودية الغربية هذا لا يهمني بتاتاً فقد ذكرنا هذه المقارنة فقط لأن الشبهة أصبحت اليوم بإلصاق الإسلام بلباساً ليس له وصورة رسمتها السينما للعبودية الغربية لديهم ثم ترى فانزات نتفلكس يهاجمون الصورة الخيالية تلك كصورة للرق الإسلامي، فانا أقولها أمامكم صراحة وفي بداية المقال أنا لا استقبح الرق مطلقاً فالرق عقوبة أخلاقية في حق الإنسان المحارب، وخاصة الرق الإسلامي ولن اتفاخر بأن الإسلام قلله وحصره، وحارب كثيراً من صوره، لن أذكر هذه الكلمات الإعتذارية مطلقاً، لأن العبودية بالأصل شرعية ومعاملة العدو بالمثل من المحاربين الأسرى وجعلها الله في حق من كفر  به وحاربه، كما هي أي عقوبة في هذا الكون فالرق مهما كان شديداً، فهو أهون من جريمة الكفر بالخالق ومحاربته، ضع هذا في بالك دائمًا حين تتكلم عن هذا الموضوع، ولن تجد أي إشكالية مع الأحكام الشرعية على من حارب الله ورأى الله أهون شيئاً عنده، فمحاولتك كمسلم أن ترد الشبهة بإثبات أن الرق الشرعي أخف يُلقي كلامك هذا في قلب السامع، أنك تستقبح الرق، وتتفاخر بأن الإسلام قلله، فهنا يتضح أنّك أنت نفسك تحتاج لمن يرد الشبهة عنك لأنها بالأصل عقوبة ومؤسسة قبلتها فطرة البشرية كأي عقوبة وهي ما زالت إلى اليوم مقررة في دستور 20 ولاية امريكية كعقوبة لبعض الجرائم والديون، فهذا عُرف بشري أخلاقي والمتشبع بهذه الشبهة هو بناها على قيماً غربية مطاطية صنعوها، وهم أول من خرقها وكسر قوانيها في فيتنام وافغانستان والعراق وهم أول من سبب بتقبيح كلمة عبودية في أذهان الناس عبر التاريخ البشري القديم، بسبب ما كان يحدث بمستعمراتهم كما سنذكر ما قاله أنطون كلوت، وكما بينا سابقًا الى اليوم ما تزال العبودية الجنسية موجودة لديهم وبشكل قانوني وأكثر بريقاً.

وليس للإنسان قيمة في النظرة الفلسفية للإلحاد كما استعرضنا في المقال الثاني تاريخ العبودية في الإلحاد والأزمة الفلسفية والعقلية في تقرير ماهي قيمة للإنسان؟ لتجعل له حرمة، وما سببته هذه النظرة في أبشع حالات الإستعباد طوال التاريخ البشري، فليس له أن يستقبح إبادة الأعراق البشرية الأدنى أو اغتصابها أو استخدام البشر كجرذان تجارب فليس له أن يتحدث بعد كل ما استعرضناه في المقال الثاني عن العبودية؟.

ولا يوجد دين حرم مؤسسة الرق في التاريخ ولا حتى البوذية التي يروج لها البعض بأنها حرمت الرق كذباً فليس في تعاليم بوذا ما يمنع العبودية لأنها مؤسسة أخلاقية قبلتها البشرية وعملت به
هل العبودية في الديانة البوذية حرام، هل حرمت البوذية العبودية،لا تحظر التعاليم البوذية العبودية صراحة ولكن المسار الثماني يشير إلى أن الإنخراط في تجارة الكائنات الحية ليس شكلاً صحيحًا من أشكال الرزق
وقد أمتلكت الدولة البوذية أعداد كبيرة من العبيد وازدهرت بتجارة الرقيق ولعل مارتن كلاين حين كتب عن العبودية في الديانة البوذية تذكر حال العبيد في الإسلام ليكتب بعدها مباشرة ... لن أقول ماذا كتب ... اقرؤوها بأنفسكم
الدولة البوذية شاركت في تجارة العبيد وكثير ما كانت الأدير البوذية تمتلك أعداد كبيرة من العبيد
ولا يوجد رين في التاريخ حرم العبودية مطلقًا، فيقول ديمون ويلسون : "الديانة الكونفوشيوسية أو الزرادشتية أو أي دين حرم العبودية تخطاه ... نعم تخطاه لأنه جاهل فالعبودية مؤسسة لم يحرمها أي دين فالهندوسية واليهودية والطاوية والزرادشتية ، والبوذية والكونفوشيوسية والميثرائية والمسيحية والإسلام والمورمونية كلهم قبلوا العبودية ومارسوها
هل هناك دين حرم العبودية؟ جميع الأديان الرئيسية تقريبا لها أيضا تاريخ في غض الطرف عن العبودية [ الهندوسية واليهودية والطاوية والزرادشتية ، والبوذية والكونفوشيوسية والميثرانية والمسيحية والإسلام والمورمونية ] كلهم قبلوا العبودية ومارسوها في المجتمعات التي كان العبيد شائقا فيها
وقد تقبلت كل البشرية هذا النظام وأعتبرته أخلاقياً وجزءً أساسياً من نظام الحياة الاجتماعية  فمثلاً امريكا في دساتيرها إلى يوم تقر الإستعباد كعقوبة فاذا كنا كمسلمين نعاقب المعتدي في الحرب بالعبودية ويستنكرونه علينا وعملت به البشرية قديمًا فما بال المستنكرين يغضون أبصارهم عن دستور أمريكا فدستور الآباء المؤسسين في امريكا أصلاً يقر العبودية كعقاب لجرائم أو دين على الفرد في مادته الـ 13 ومعظم الولايات الأمريكية تقر العبودية كعقاب ومن ضمنهم ولاية تينيسي التي ألغت هذا القرار قبل أربعة أيام فقط
20 ولاية أمريكية تقر بالعبودية كعقوبة
وحتى اليوم بتاريخ 10/11/2022 لا يزال هناك أكثر من عشرين ولاية أمريكية تقر العبودية كنظام عقاب لبعض الجرائم وما زال دستور 20 ولاية امريكية تسمح بالاسترقاق أو العبودية عادةً كعقوبة جنائية أو لسداد الديون ومن ضمنهم كاليفورونيا ونورث كارولينا على سبيل المثال ومسموح لأي ولاية أن تعيد تفعيله في أي وقت لأن دستور الآباء لا يعارض ذلك فالرق عقوبة أخلاقية متعارف عليها مثلها مثل مثل إعدم القاتل، وقبول البشرية لهذه العقوبة وموافقتهم عليها والعمل بها يدل على أنه عُرفاً أخلاقي عملت به البشرية وكذلك الشريعة الإسلامية أباحته بضوابط ومعاملتهم بالمثل.

حتى فلاسفة التنوير وأصحاب الفكر السياسي عبر التاريخ

جميعهم قبلوا نظام العبودية كنظام أخلاقي وطبيعي للمجتمع، فمثلاً جون لوك المسمى بأبو الليبرالية ومحرر الإنسان كان يرى أن الحريات لا يمكن ولا ينبغي لها أن تمتد إلى العبيد الأفارقة، ولكن الطريف حقاً، أن جون لوك الذي كان ينادي بالحرية وتحرير الإنسان كان في نفس الوقت مستثمراً بأسهم في شركة Royal African Company للإتجار بالعبيد !! ففي كتاب "بروس إتش" بعد أن ذكر إعتقاد جون لوك تجاه العبيد قال :"إن ممارسة العنصرية لها تقليد قديم كتقليد حقوق الإنسان إن الديمقراطيات الغربية التي أقيمت على أساس الإيمان بحرية الفرد مدعوم بالأيديولوجية العنصرية."
جون لوك الذي كان ينادي بالحرية وتحرير الإنسان كان في نفس الوقت مستثمراً بأسهم في شركة Royal African Company للإتجار بالعبيد !! ففي كتاب
وأما "هيجل" كان يرى الأفارقة زنوج كما يصفهم وينبغي ترويضهم ثم صرح قائلاً : "إن العقيدة الإسلامية الشيء الوحيد الذي أدخل الأفارقة في نطاق الحضارة"
هيجل وأما
وكانت امريكا من أكثر الحضارات التي قامت على إستعباد السكان الأصليين والأفارقة وكانت نهضة الحضارة الغربية على تدمير بقية الحضارات ولعله يخفى هذا على المتنور ومتابع هوليوود وهو يحاول الدفاع والإنبطاح المكثف لسيده الغرب بسبب فلم مؤثر رأه فحرك مشاعره الرقيقة،، ويختصر علينا كلام "كارل ماركس" الكثير في كتابه ليصف كل شيء وهو يصرح بدعم نظام العبودية ثم يختم كلامه قائلاً : اجعل العبودية تختفي وستكون قد محيت أمريكا من خريطة الأمم" 
كارل ماركس
فقد قامت نهضة الحضارة الغربية والأمريكية بشكل مخصوص على استعباد السكان المحليين من الهنود الحمر والعبيد الأفارقة وكانت عبوديتهم عنصرية بحسب اللون وهذا عكس الإسلام، وكانت الحضارة الغربية من أكثر البلدان إعتمادًا على العبيد ولم تقم إلا على العبودية والصورة السابقة لكلام كارل ماركس تختصر علينا الحديث فكل الذين جاؤوا عبر التاريخ قبل وبعد عصر التنوير قبلوا بنظام الرق كأساس للمجتمع ومنذ عهد موسى عليه السلام وحتى القرن السابع عشر لم يوجد أي رجل دين أو فيلسوف او نقش أو أثر يذكر استنكارا لمؤسسة الرق وهذا ما ذكره إسحاق مندلسون قائلاً : "لا يوجد في أي موضع من الأدب الديني الواسع في العالم السومري - الآكادي أي احتجاج على مؤسسة العبودية , ولا يوجد في أي موضع منها تعبير عن التعاطف الطفيف مع ضحايا هذا النظام"

وهذا ما أشار إليه روبرت فوجل قائلاً : "منذ 3000 الف سنة ومنذ عهد موسى وحتى القرن الـ17 كل رجل دولة وفيلسوف ورجل دين وكاتب وناقد كلهم قبلوا وجود شرعية الرق وقد أخترت كلمة #القبول متعمداً لوصف كل ذي شأن وصانع فكر لم يشجب الرق فهم لم يخطئوا الرق حيث أعتبرت العبودية جزء من المخطط الطبيعي للأشياء"

لم يحرم الإسلام العبودية لأنه لم يأتي لذلك

لماذا لم يحرم الإسلام العبودية؟ 
لأنه لم يأتي ليحرمها ببساطة بل جاء ليعدل بنية هذه المؤسسة بضوابط وحقوق قامت بتأهيل العبيد نفسياً وتغيير طوابع شخصياتهم عبر التاريخ فتجد منهم العلماء والقادة والفاتحين ومن يعظمهم المسلمون إلى اليوم، عبر التاريخ البشري لم توجد منظومة قدمت ما قدمه الإسلام تجاه العبيد فيقول المؤرخ موراي جوردون الدارس لتاريخ الرق ومؤلف كتاب العبودية في العالم العربي : "يجب أن ينسب الكثير من القوانين الإنسانية للإسلام فيما يتعلق بالمعاملة الحسنة للعبيد في المجتمع الإسلامي، حيث تطورت أحكام الإسلام بعيدًا لتعزيز مناخ من الرأي العام مما جعل من الصعب على المالكين التهرب من المسؤولية تجاه عبيدهم"
يقول المؤرخ موراي جوردون الدارس لتاريخ الرق ومؤلف كتاب العبودية في العالم العربي :

انتزع الإسلام وصمة العار المرتبطة بالعبودية وحولها إلى علاقة منفعة بين السيد ةالعبد، ودمجهم في المجتمع فتقلد العبيد أعلى المناصب وكانوا في كثيراً من الحالات أغنى من أسيادهم، وهذا ما شهد له المستشرق روبن ليفي بأن العبيد عند المسلمين كانوا أحياناً أغنياء أكثر من أسيادهم وتقلدوا أعلى المناصب بعد أن فرض الإسلام المساواة الإقتصادية وإختفاء وصمة العار المرتبطة بالعبودية فلم يوجب على العبد النفقة ونفقته على سيده.
« ‏‎‎‎اختفت الوصمة المرتبطة بالعبيد تدريجيا بسبب المساواة الاقتصادية التي فرضت على كل المسلمين من خلال عقيدتهم فكان لدى بعض العبيد فرص لاكتساب ثروة وسلطة أكبر من الأحرار مثل المماليكل والأتابك الذين شروا أصلا كعبيد ليكونوا حراس للسلاجقة وتم تعيينهم بأعلى المناصب. »
 وحرم الإسلام حتى تسميتهم بعبدي أو أمتي وحرم ضربهم أو تحميلهم مالا يطيقون وفرض العقوبات فيمن فعل بعض هذه كما سنستعرض فيما بعد، سلب الإسلام العبودية معانيها جذرياً وأبقى على العبودية فقط بلإسم، وهذا ما شهد له الرحالة السويسري بوركهارت في رحلته الى مصر والسودان بمقولته المشهورة: " إن في كلاً من مصر وشبه الجزيرة العربية لم تكن العبودية فيها سوى بالاسم "
الرحالة السويسري بوركهارت في رحلته الى مصر والسودان صراح بمقولته المشهورة:
ولكن أنبه إن  الرق بصورة عامة حتى وإن كان قاسياً فهو أخلاقي كونه عقوبة في حق من حارب الله ولا هوان فيها وضرورة اجتماعية، أخلاقية العبودية مقررة من مجتمعات بشرية كاملة فلم يستنكره أحد عبر التاريخ وقد كان رائجاً بل يعتبر ضرورة اجتماعية واقتصادية حتمية بين كل الحضارات والشعوب، حتى أن العالم المثالي في فلسفة أفلاطون وهو العالم الخالي من الأخطاء والعيوب، كان فيه عبيد كشيء بديهي وعادي! حتى في تصوره لعالم دون أخطاء وهذا يجعلنا للحظة نفكر! إذا كان كل ما يكلف أفلاطون هو الخيال ألم يستطع تخيل عالم مثالي دون عبيد أم أن البشرية لم تتصور العبودية كخطأ أخلاقي لازم ليكلف خياله حتى تصحيح هذا؟
واقولها صراحة أنا لا أشعر بأي نوع من القصور في تأخر وصول ديني إلى الجبهة التي ألغت الرق؛ لأن هذا الجهد لم يكن نتيجة لجهود مجموعة واحدة من الناس أو ثقافة واحدة أو دين واحد أو صحوة مفاجئة للأخلاق بل ظل أخلاقياً ولا يزال غير ان الهالة التي وضعتها الأعراف الدولية والمشهورات العقلية تشعرنا بأنه خطأ لأنه مخالف للقانون، لقد نتج هذا عن التغيير الاقتصادي والاجتماعي والتكنولوجي بعد الثورة الصناعية الذي أدى إلى الإستغناء عن الحاجة للعبودية، ولم يكن تحرير العبيد بسبب إستيقاظ مشاعر البشرية التي كانت نائمة فجأة بعد تقبلها له، فلولا الثورة الصناعية لما فكرت البشرية في تحريرهم، فقد حلت الآلات محل العبيد والأيادي العاملة فلم تأتي الفكرة إلا  بعد الإستغناء عنهم وأيضاً توفير مرتباً شهري للعبد يضمن مستهلكاً لسلعة المصانع التي كانت تبور في الأسواق فنجد الدكتور كورت ماكلين جونز يقول في كتابه: "تستغرق المنتجات الصناعية وقتاً حتى يوجد طلبً كافٍ ومستمر عليها، تم تحرير العبيد ليصبحوا مستهلكين مستقلين يحسن من تطوير التنمية الصناعية"
وأحب صراحة وفطنة أرسطو حين كان يشبه العبيد بالآلات فقد أشار أرسطو إلى أن العبودية لن تنتهي حتى يحل شيئاً آخر محل العبيد ويقول هانز أوبيرديك تعليقاً على إعتقاد أرسظو :"إن الإستعباد والعمل بالسخرة كانت تشبه اليوم إدارة التقنية الحديثة من التكنلوجيا
الثورة الصناعية سبب تحرير العبيد نظرة ارسطو للعبودية، نظرة ارسطو للعبيد
وهكذا قد نعلم أن تحرير العبيد نتاج الثورة الصناعية ليصبحوا مستهلكين من قبل الرأسمالية والطريف أن بعد إلغاء الرق كان العاملين في المصانع والوظائف يسمون "عبيد بأجر" إلى أن غيرو هذا المصطلح لحساسيتهم أمام تاريخ عبوديتهم وما يحمل في طياته من تاريخاً بشع صنعوه في تاريخ الرق.
الطبيب المسيحي الفرنسي أنطون كلوت الذي عاش في مصر فترة من حياته، كتب عن حال العبيد في العالم وقال "إن التعطش القاسي للربح الذي أوجد عبودية المستعمرات الغربية منح هذا الكلمة ختمًا مثيرًا للاشمئزازيقصد أن [العبودية] أصبحت ذو طابع مثير للاشمئزاز في الأذهان بسبب ما منحته المستعمرات الغربية لها، وتخيل فقط أن الذي منح العبودية ختماً بهذه البشاعة بين أذهان من يسمعوها، أستطاع اليوم أن يفوز بالإنسانية ويُلبس رداءه هذا للإسلام، والغريب هو أن  كارين ارمسترونج تذكر : " مهاجم المفكرين المسيحيين الإسلام كونه يمنح الوضعاء من العبيد والنساء قوة وحقوق كثيرةفهل يمكن بعد هذا أن ضمائر البشرية استيقظت فجأة بعد الثورة الصناعية لتشعر أن العبودية غير أخلاقية ويبنغي لها أن تتوقف! ولولا الثورة الصناعية لما استغنت البشرية عن العبيد ولبرروا استخدامهم اليوم.
هاجم المفكرين المسيحيين الإسلام كونه يمنح الوضعاء من العبيد والنساء قوة وحقوق كثيرة

محمد الفاتح واتفاقية إلغاء الرق في الحروب
في عهد محمد الفاتح في منتصف القرن الخامس عشر أشترط للصلح بينه وبين دول أوروبا كتابة اتفاقية تنص على تحريم إسترقاق أسير الحرب  من الطرفين ... وكانت تلك أول اتفاقية عالمية في عصره وتحت رعاية إسلامية، فأطلق فيها محمد الفاتح سراح أسراهم وأطلقوا سراح أسرى المسلمين واتفقوا على عدم معاملة الأسرى كعبيد أو ضرب الرق عليهم، ولكن لم تدم هذه الإتفاقية طويلاً فقد تم خرق العهد فيما بعد.
وهذا ما فعله السلطان العثماني محمد الفاتح حيث أتفق مع كل الدول في عصره على تحريم إسترقاق الأسرى في الحروب
وقد إحتذى به المفكر السياسي الروسي إيفان بيريسفيتوف وهو المرشد السياسي للقيصر إيفان الرابع أو ما يسمى إيفان الرهيب، وقد قام بيريسفيتوف بتأليف كتاباً مادحاً لسياسة محمد الفاتح لخطوته في إلغاء العبودية الناتجة عن الأسر في الحروب وإقامة العدل بعد فتح القسطنطينية والدفاع عن الأراضي العثمانية، وأتخذه أنموذجًا يحث القيصر إيفان الرابع عليه مع العلم أن استعباد أسرى الحرب من أهم مصادر العبودية وأكبرها ولعلها كانت خطوة تنجز 70% في إلغاء الرق في العالم إن كانت استمرت واصبحت معاهدة دولية.
ألغى السلطان محمد الفاتح العبودية في إمبراطوريته ووضع هذا القانون لجميع الأجيال القادمة كان على الخدم أن يعملوا بمحض إرادتهم ولفترات محددة فقط سبع سنوات
ولم يقم محمد الفاتح ببدعة أو مخالفة للشرع الإسلامي كون ضرب الرق على المحارب ليست عقيدة في الإسلام ولا فرضاً نلزم به بل كانت  معاملة العدو بالمثل وهذا الشيء يعود إلى رأي الإمام الأعظم للمسلمين أو الحاكم وما فعله محمد الفاتح ليس بدعا بل يعضده قول الإمام مالك حين قال " إذا كان العهد بيننا وبينهم وهم في بلادهم على أن لا نقاتلهم ولا نسبيهم وأعطونا على ذلك شيئاً أو لم يعطونا فهذا العهد يعمل به"
استعباد الأسرى وقول مالك
 وهذا أيضاً ما فعله صلاح الدين الأيوبي حينما عامل الصليبيين بالعفو وقبول الفداء فالأمر عائد إلى الحاكم وإلى معاملة العدو بالمثل فالسبي ليس شرعاً يلزمه الإسلام على المسلمين بل معاملة العدو بالمثل وبالعُرف
صلاح الدين الأيوبي عفى عن الاسرى الصليبيين
ولو اشترط الأعداء عدم أسرهم أو استعباد أسراهم أو سبي نسائهم أو أحد فيهم كان لهم ذلك شرعاً كما أخبر السلف ومنهم مالك والفقيه والقاضي عبدالسلام سحنون المواليد في 160 هـ حيث قال "وإن شرطوا ألا نقتل لهم أسيراً إذا أصبناهم على ألا يأسروا منا أحداً فأصبنا أسرى لهم فليس لنا أن نسترقهم ولا نجعلهم فيئاً وإن شرطوا ألا نأسرهم ولا يأسرونا فليس لنا أن نقتلهم. وأجاز غيرنا في رفع القتل الاسر فلا فرق بين ذلك"
وإن شرطوا ألا نقتل لهم أسيراً إذا أصبناهم على ألا يأسروا منا أحداً فأصبنا أسرى لهم فليس لنا أن نسترقهم ولا نجعلهم فيئاً وإن شرطوا ألا نأسرهم ولا يأسرونا فليس لنا أن نقتلهم. وأجاز غيرنا في رفع القتل الاسر فلا فرق بين ذلك
وبالمثل يقول السرخسي : وإن شرطوا أن لا نأسر منهم أحد فليس ينبغي لنا أن نأسرهم ونقتلهم فالسبي والأسر معاملة بالمثل ولو كان هناك اتفاقية دولية على عدم استعباد اي أسير وتم احترامها كان لهم ذلك، لهذا لا يوجد نص قرآني واحد يذكر الأسرى غير بالمن والفداء ولم يذكر ضرب الرق الا في السنة كونه عارض وعُرف زمني مباح ولو عادوا لهذا العُرف لعدنا اليوم
فالرق قائماً بذاته على  معاملة العدو بالمثل في الحروب وبارادة العدو المقاتل بما يقره فتم إلغاء الرق وما زال الأسر مشروعًا والفداء واجبًا وليست العودبة عقيدة في ديننا ولا فرضاً علينا فالمن والفداء هو ما نص عليه القرآن الكريم.
 
فاستعباد الأسير كعقوبة عُرف عائد إلى ما يقره العدو واذا أراد بطلانه فعلنا ذلك هذا كان حديثنا بشأن إلغاء الإسترقاق في الحروب، فلما لا يذكر المستنكرين هذه المحاولة لإلغاء إسترقاق الأسرى في العالم من قبل محمد الفاتح وسرعة خرق الأوربيون لها فلو أحترمت دول أوروبا هذه الإتفاقية في عصره لحُصر الرق وأنتهى من العالم الإسلامي كون المصدر الوحيد الذي أقرته الشريعة الإسلامية لضرب الرق  على الإنسان الحر هي على الأسرى المحاربين فقط. 

تونس حرمت العبودية قبل أمريكا وفرنسا

 في عام 1843م قام أحمد باي بإلغاء الرق في تونس هذا قبل أمريكا وفرنسا حتى وكما ذكرنا أن ما فعله محمد الفاتح وأحمد باي لا يعارض الشرع الإسلامي في شيء كون العبودية مباحة وليست واجبة 
تونس من أوائل البلدان التي ألغت الرق
بل إن الباي ألغى بيع الرق عام 1841 ثم ألغى الرق بشكل نهائي وأغلق أسواق العبيد عام 1842 وأصدر مرسوم أن كل مولود في تونس هو حر.
الغاء الرق من قبل أحمد باي
وكان قرار الباي في تونس سابقًا لأمريكا وفرنسا وكثير من الدول الغربية وعند إلغاء الرق تقبل المجتمع العبيد كأفراد حيث كانوا يعاملون كجزء من الأسرة ولم تكن هناك عنصرية تجاه السود كون الإسلام نهى عن هذا وكانوا العبيد يتزوجون بنات أسيادهم بينما في أمريكا إلى اليوم ما زالت تعاني من العنصرية بين العرق الأبيض والأسود بل يسمون السود بالزنوج وهي ما تعادل كلمة عبد عند شعوب أخرى .
الغاء العبودية تونس
فهل ترى العلماني يفتخر بمحمد الافتح وصلاح الدين الأيوبي وأحمد باي؟
مرسوم أحمد باي بتحرير العبيد عام 1842-1845

هل كان المسلمون يعرضون السبايا عاريات

نقطة سريعة رددنا عليها في مقال آخر وهي الصور المزورة لفتيات عاريات يقال أنهن من العبيد في العهد العثماني وفيديو صُور عام 1964م لتجارة العبيد في السعودية وظهرت به امرأة عارية الصدر في سوق النخاسة كل هذا تجدون رده  في مقال عورة الأمة وعورة الحرة وصور لجواري عاريات
صور ألتقطها المستشرق شاتلين مارسيل بعد إستغلال الاسر الفقيرة وهذه ليست صور لجواري ولم أنها لجواري

وسواءً حرمت حضارة ما العبودية أم لم تحرمها، ما يهمنا هو إباحة الإسلام لها بعد تغيير معانيها، وكيف اصبحت هي صورتها الحقيقة في الإسلام، فحين تسمعون كلمة [عبيد] في الإسلام يتخيلهم المرء مربوطون ببعضهم ومهانين بينما يحمل جلادًا سياطاً يضرب بها العبد الذي ركع من الإرهاق، هذه النظرة التي جاءت من القصص المصورة الأمريكية كما يقول المؤرخ والطبيب غوستاف لوبون لا تمت للإسلام بصلة، وإني لأعجب من حال كل مستشرق أو رحالة أو أديب عاش بين العرب ورأى حال عبيدهم كيف كتب عنهم فيما بعد!، فوالله من شدة ما قرأت من مديح كتاباتهم عن ما رأوه في معاملة الإسلام للعبيد وصل الأمر عندي لأبحث هل أسلموا بعدها أم لا؟


لأن الإسلام فرض معاملة العبيد كبشر لا يفرق بينهم وبين الأحرار غير ظرفاً اجتماعي، فلا يعد الرق وصمة عارً تلحق بصحابه وكان العبيد في كثيراً من الأحيان يتزوجون من بنات أسيادهم، أنا اتحدث هنا عن العبيد الذي الذين تتخيلهم أنت مربوطين ومهانين يُضربون بالسياط، كانت لهم دائرة ضمن الأسرة ثم مع الأيام يعتقون ويكون منهم وزراء وقادة وقضاة وحكاماً عبر التاريخ الإسلامي، وحين نقول يعامل العبيد كأفراد ضمن الأسرة نقولها بشهادة مؤسس الصليب الأحمر هنري دونانت

كيف كان حال الأسرى : 

يقول ابن قدامة وهذه من أهم النصوص لرؤية الشريعة للعبيد : "الأصل في الإنسان الحرية وما الرق الا عارض"وفي حال زوال ذلك العارض فحكمه حكم الأصل وهو حرية الإنسان، وايضاً إسترقاق الأسرى من المحاربين ليس شرطًا دائم ولا فرض في الإسلام وليست عقيدة بل الأصل إباحة [معاملتهم بالمثل] وكل هذا عائد الى الحاكم وولي أمر المسلمين اذا شاء استخدمهم واذا شاء قتلهم وإذا شاء أطلق سراحهم او فدى بهم مقابل أسرى من المسلمين
الأصل في الإنسان الحرية وما الرق الا عارض]
وقد حرم الإسلام كل مصادر الرق القديمة ولم يبقي إلا باب ضرب الرق في الحروب "على المحارب ومن عاونه من ذريته" وحرمها على المختبئين ومن ليس لهم شأنً في الحرب بينما لم يكن استعباد الأسرى كذلك فالفرس والروم كان يمارسونه حين يغزون القرى فيقومون باستعباد أهلها قاطبة وحتى المختبئين والذين لم يشتركوا في القتال وليس لهم رأي أو يد في الحرب وهذا محرماً في ديننا، فلا يضرب الرق إلا على المحاربين وذراريهم، أو المرأة المعاونة للجيش أو السعاف وهو من يعين الجيش بالجهاز فيحرم قتلهم هؤلاء وأجاز أسرهم وضرب الرق عليهم.
أما سبي نساء الكفار المحاربين وصبيانهم يقع بمجرد أسر المسلمين لهم، وهو أمر جائز إذا وجدت المصلحة، ويجب العدول عنه عند عدم المصلحة؛ لأن الإمام مخيَّر في ذلك بين المَنّ والفداء والاسترقاق، وأما القتل؛ فقد نهي عن قصد قتل النساء والصبيان غير المقاتلين. وقال الدردير في "الشَّرْحِ الْكَبِيرِ" : "وَأَمَّا النِّسَاءُ وَالذَّرَارِيُّ فَلَيْسَ فِيهِمْ إِلاَّ الاِسْتِرْقَاقُ أَوِ الْفِدَاءُ".
قال الموفق ابن قدامة في "المغني": "هذا تخيير مصلحة واجتهاد، لا تخيير شهوة، فمتى رأى المصلحة في خَصلة من هذه الخصال تعينت عليه، ولم يجز العدول عنها".
وقال الشيرازي في "المهذب": "ولا يختار الإمام في الأسير؛ من القتل والاسترقاق والمن والفداء إلا ما فيه الحظ للإسلام والمسلمين"، هذا في حال أراد ولي أمر المسلمين ذلك" ولا يجوز إسترقاق امرأة لم تشترك هي أو زوجها في المعركة ولا الذين ليس لهم كلمة ولا أثر في الحرب ولا الهاربين الى الجبال أو الرهبان في صوامعهم.
لا يجوز ضرب الرق على النساء إلا إذا توفرت فيمن يسترق صفتان : الصفة الأولى الكفر، والصفة الثانية الحرب
وفي غزوة بني قريظة ترك النبيﷺ عمرو بن سعد وقال: "اتركوه فإنه كان يأمر بالعدل وينهى عن الغدر" فتركه هو وذريته لأن ليس له أثر او رأي في غدر بني قريظة للمسلمين، وتركهم وأختبئ عن فعلة قومة في الجبال، فلهذا تركوه والرواية مرفوعة عن النبي وعُلم بهذا ترك من ليس له رأي في الحرب.
في غزوة بني قريظة ترك النبي عمرو بن سعيد لأنه هرب عن فعله قومه وأعتزلهم
فالمرأة يضرب عليها الرق فقط اذا توفرت فيها صفتان الأولى: الكفر فلا يجوز سبي من كانت مسلمة والصفة الثانية : الحرب فاذا كانت المرأة كافرة فالكفر وحده لا يوجب عليها الرق، ولكن اذا اجتمع الكفر مع محاربة المسلمين في دار حرب  جاز سبيها، وذرية المقاتلين الذين لا يجوز قتلهم من نساء وأطفال يكونون سبياً للمسلمين،وكل هذا الأمر عائداً إلى إمام المسلمين، والسبب فعلياً لهذا هو ما يجب فعله بأسرى الحرب فلم يكن هناك سجون لتفرق قوى العدو، وأيضاً من باب الرعاية  فلا كافل لمن تخلدوا أيتاماً بعد الحرب،  وإذا ما تركهم المسلمون قد يتم بيعهم أو قتلهم خشية من الفقر من قبل اهاليهم كما اشتهر العرب بالجاهلية، أو أضطرت الأمهات الأرامل من العمل في البغاء لكفلهم فلا معيل لهم، وما يوضح نظرة الشريعة للأمر في جانب الرعاية هو تحريم بل التشديد على تحريم التفرقة بين السبية وأولادها او بيع الأم لرجل والأبناء لرجل آخر بل من يضمن كفالة السبي هنا مشروطاً عليه الأم مع أولادها.
ويُحرم بل يشدد تحريم التفرقة بين السبية وأولادها او بيع الأم لرجل والأبناء لرجل آخر
والسبب فعلياً لهذا ما شرحه Henry Bayman  حين قال :"برزت العبودية عن مشكلة ماذا يجب أن نفعل بأسرى الحرب"
برزت العبودية عن مشكلة ماذا يجب أن نفعل بأسرى الحرب
فكان استرقاق الأسرى واستخدامهم في الخدمات المنزلية او العمل جائز وإلى اليوم حتى بالإتفاقيات الدولية كما في  إتفاقية جنيف لحقوق الإنسان رقم (50) للأمم المتحدة الذي يجيز استعمال أسرى الحرب في الخدمات المنزلية أو الزراعة والعمل كعقوبة لمحاربتهم أمر أخلاقي بنظرك ؟

قد تشعر أن القانون الـ50 لإتفاقية جنيف في خقوق الأسرى أخلاقي، لأنه صادر من منظمة حقوق الإنسان نعم وهذا الذي أقصده أصبحنا نرى صحة ديننا بما تمليه علينا الثقافة الغالبة، لأن منظمة حقوق الإنسان للأمم المتحدة فقط تجيز استخدام الأسرى في الخدمة المنزلية والسخرة كما أجاز الإسلام ذلك مع اختلاف مفهوم الملكية، فرب العالمين أصبح في نفوسنا أهون من يُجيز وأهون من يُشرع فأعظم الله في نفسك من هم ليملوا عليك ماهية الأخلاق وما هو صائب ولما الإلتزام بمفاهيمهم أصلاً.

وكل ما تغير اليوم هو عدم بيع الأسير لخدمة شخص آخر، هذا الفرق بين الإسلام وقانون منظمة حقوق الإنسان!، والخدمة  هي نفسها، إن حال الأسرى عند المسلمين خيراً مما هو عليه اليوم عند الغرب فالأسير في الإسلام إما نمن عليه بتحريره ونطلقه أو فداء بأسرى مسلمين عند العدو ونسمح له بشراء حريته مقابل فدية ونطعمه ونحسن معاملته، وحسن معاملة الأسير مما مدح الله بها من صفات المؤمنين المرابطين واذا مرض وجب علينا مداواته وحرم علينا منعه من التعبد على دينه وعدم إجباره على اعتناق الإسلام او ضربه واذا ضُرب وهو في الرق أُعتق وله حريته رغم أنف صاحبه بينما تنص إتفاقية جنيف ولاهاي لعام 1949 : "أنه لا يجوز الضغط على الأسير وتعذيبه للحصول على المعلومات" فهل ترى الغرب في حروبه أو من وضع هذه الاتفاقية أصلاً طبقها؟ هل أمريكا طبقت هذا في العراق وافغانستان وفيتنام وبأي دولة دخلتها؟ فإن لم يكن الأمر أمر دين فما هو إلا حبر على ورق
حقوق الأسرى في الإسلام

ولكنكم تأكلون لحم الأسير :

لن نضيع الوقت هذا رابط المقال والرد عليه مع الوثائق لنختصر هذاسريعًا

ملك اليمين وقيمة الموافقة:

أولاً ملك اليمين ليس شرعً إسلامياً استحدثه الإسلام وصنعه بل كانت معاملة بشرية وعُرف أخلاقي سنته الأديان، فكانت المرأة لا تحل للرجل لممارسة حقه الشرعي معها إلا بعقد زواج أو ملك يمين وما دونهما يعد زنا، وهذا العقد سنته الأديان عبر العصور فكان مع سيدنا ابراهيم ملك يمين مثل هاجر، ويعقوب وداوود وسليمان وغيرهم من الأنبياء، فاستحلال المرأة أخلاقياً في تاريخ البشرية والأديان السماوية كان إما بعقد زواج أو ملك اليمين ولكن أصل حديثنا هنا هو لما يتم استهجان ملك اليمين اليوم والفرق بينه وبين الزواج.
إن الفرق الواضح بين ملك اليمين والزواج بأن عقد الزواج هو 'عقد منفعة مع استمتاع' فالمنفعة هي نفقة الزوج على زوجته، والإستمتاع هو ممارسة الرجل لحقه الشرعي معها، وأما ملك اليمين فهو 'عقد تمليك مع منفعة' فملك اليمين يعد أقوى من عقد الزواج كونه عقد لتمليك الرجل مع استمتاعه  والمنفعة بالتكفل بنفقة المرأة ونفقة أطفالها.

أين الموافقة 
اعلم أن أكثر المتأثرين بمسائل ملك اليمين اليوم يلهثون في البحث بجهد وراء نص يشترط فيه نظر السيد إلى موافقة سبيته على الجماع معها، ونحن هنا لسنا لنعطيهم هذا النص ثم الفرار وتريديده بل لمعالجة المشكلة لديهم والسؤال لماذا نعتقد أنه إذا وجد نص من كتب العلماء يشترط موافقة ملك اليمين على الدخول بها سيضفي هذا شرعية خاصة يجمل معانيها لنحتضن شرع الله بعدها، هذا ببساطة لأن الأجيال هذه متأمرة بفلسفة غربية وجب علينا توعيتهم منها وهي فلسفة الموافقة والتراضي حتى أصبحوا لا يستوعبون كيف يتم إقامة الحد على الثيب الزاني بحجة أنه جماع أُقيم على الموافقة وهنا المشكلة يا أخي فسنرد مع توضيح مفاهم مهمة. 
ينتج هذا السؤال عن تشرب المجتمعات المسلمة للمفاهيم الليبرالية وتدجينها تحديداً لتوجيه رأيها بعيداً تجاه تأليه الإنسان وتقرير أخلاقية أفعاله بموافقته، وهو المستقل بذاته عن الإله أو الدين وهو من يقرر جواز الفعل وحرمته أم لا وتأليه الإنسان.

السبي والموافقة انتزاع والوعي والسبي الفكري

إن مفهوم الموافقة لم يكن يشغل بال البشرية منذ عهد داوود إلى القرن التاسع عشر فلم يوجود بشري كان يرى أن الموافقة مفهوم جوهري اخلاقي يوجب وجوده لأخذ الحقوق فلم يوجد رجل عبر هذه الحقبة يرى وجوب موافقته لينفع على أسرته لأنه واجب عليه وحق لأسرته، ولم ترى امرأة وجوب موافقتها ليدخل زوجها بها لأنه حق له وواجب عليها وكذلك الأمة والسبية  عند الدخول عليها، فلم يكن يشترطن موافقتهن للدخول لأنهن يعلمن بداهة أن المرأة تباح للرجل أخلاقيا إما بملك بمين أو عقد زواج، ووجب التفريق بين باب الإحسان وباب الحقوق فمثلاً يحق لك أن تجبر والدك على النفقة والذهاب به الى المحكمة ولكن هل هذا من الإحسان الذي أمر  الله به؟ يجوز للزوجة ان تجبر زوجها على النفقة ومقاضاته ولكن هل هذا من الإحسان والطاعة التي أمر الله به؟ وكذلك يجوز للرجل اجبار سبيته أو زوجته على الجماع لأنه حق له ولكن هل هذا من الإحسان الذي أمر الله به بقوله: {وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالجَنبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ [النساء:36]} فهل الإجبار والإكراه من الإحسان الذي أمر الله به؟ وهناك من الأئمة من تحدث عن هذا مثل الشيخ ابو عبدالله الحليمي (ت.403) في باب الإحسان إلى المملوك والجواري قال: 
"وإن اشترى جارية فكرهت أن يمسها أو يضاجعها، فلا يمسها ولا يضاجعها ولا يطأها إلا بإذنها، ويبيعها إن أرادت ذلك"
(كتاب المنهاج في شعب الإيمان، الجزء 3، الصفحة 267)
وأما ترويج أن ما كان يحدث هو اغتصاب وتعدي على السبايا لدرجة تصوير وترويج صورة المرأة التي تُضرب وتنتهك وهي تغتصب فإنها ناتجة عن اللطميات والتدليس فقد قال الامام الشافعي رحمه الله في كتاب "الأم" : وهكذا لو كانت منفردة به ، أو مع أمة له يطؤها ، أمر بتقوى الله عز وجل ، وألا يضر بها في الجماع ، ولم يفرض عليه منه شيء بعينه ، إنما يفرض عليه ما لا صلاح لها إلا به من نفقة وسكنى وكسوة ، وأن يأوى إليها ، فأما الجماع فموضع تلذذ ولا يجبر أحد عليه.
(كتاب الأم، الجزء 6، الصفحة 482، باب الخلع والنشوز)

ولا أعلم بعد هذا لما يتم اللعب بوتر العاطفة وترويج اللطميات ويمكننا بيساطة الآن مناقشة المهم وهو أن الغالبية العظمى من الشباب إنما هم متأثرين بفلسفات غربية يجب تأصيلها والرد عليها، فهناك تفريق مهم بين الحديث عن الحقوق وباب الإحسان فمن حق الولد أن يجبر أباه على النفقة لأنه من حقوقه ولكن هذا لا يجوز في باب الإحسان ومنه قياس على ما سبق. 

 إن الرجال انفسهم طوال تلك العصور لا يستوعبون كيف يبرر قتل النفس أو ممارسة الجنس مع امرأة غريبة خارج اطار الزواج أو التسري؟! فلم يكن مفهوم الموافقة موجود في الأذهان أو تم تعميمه كشرط جوهري ينتزع احقية الإله بل ما كان موجود هي الفطرة بأن الحقوق لا تستوجب موافقة المرء عليها ولم يستوجب سؤال هل توافق على النفقة على اولادك أو التخلي عنهم لأنه سيعد سؤلاً من قبيل المزحة؟
بل كن النساء انفسهن لا ينظرن لوجوب موافقتهن في بديهيات مثل حق الزوج أو السيد أن يأخذ حقه الطبيعي منهن أو وجوب رعاية أطفالهن ومع هذا راعى الأئمة هذا الجانب في باب الإحسان، وقد تجد ذات النساء من تلك الحقبة التاريخية لا يستوعبن كيف يبرر حق اللمرأة في ممارسة الجنس خارج إطار الزواج فقط لأنها توافق على ذلك؟ أو كيف يبرو اجهاض الأم لطفلها وقتله فقط لأنها غير موافقة. ببساطة إن مفهوم الموافقة لم يكن يخطر على الأذهان في اخذ الحقوق الفطرية على بال البشر وإنما جاء هذا المصطلح في القرن الثامن والتاسع عشر على يد اثنين جون لوك  والآخر وهو من قام بتوريد مصلطح الحرية والموافقة وهو جون ستيوارت ميل في كتابه عن الحرية ويتناول كتاب ميل عن الحرية عام 1859م طبيعة وحدود السلطة التي يمكن للمجتمع أن يمارسها بشكل شرعي على الفرد أي  أنه أسس لمذهب فكري اليوم العالم يحتكم عليه للطعن على الإسلام بعد تشبع الأجيال به بل يمكن أن يقال أن الإسلام ليس دينًا حقيقياً فقط لأنه غير موافق لمذهب جون ستيوارت ميل؟ بل يصبح الأمر محيراً حين ترى أن دين يبنى على براهين عقلية وفطرة وتيار فكري ويتم رفضه فقط لأنه غير متوافق مع تيار فكري جاء من هوى الأنفس. 
الشريعة الإسلامية المستمدة على منفعة الإنسان واصلاح حاله وحال المجتمع لشرع الباري جل شأنه وحفظ الفطرة أصبحت شريعته مستبدلة اليوم بالفكرة التحررية والنفعية المجردة المستمد من اهتمام أرسطو بـ “الحياة التي يعيشها الناس فعليًا” والتي تلتها فلسفات تطورت وصولاً إلى جون ميل وتطورت إلى ماهو عليه الآن، استمرار تسرب هذه الأفكار ما بعد سقوط الخلافة العثمانية وتشبع المجتمعات الإسلامية بها لقرابة قرن ونصف غيرت مفاهيم وأفكار المسلمين حتى أن بعض الدعاة لم يسلموا من هذه الفلسفة وبدأوا بالتفتيش بالنصوص الإسلامية ليجعلوها موافقة للمفاهيم الليبرالية والحرية (فإذا ثبت توافقها انتهت الشبهة)دون شعور بل قد يتم إنكار جواز ارغام الزوج لزوجته في حقه الشرعي إذا امتنعت عنه دون عذر شرعي! بينما ضربنا أمثلة كثيرة سابقة لتفهم الفكرة أن في الحقوق ليس للعاطفة مجال، هذا كجواز إرغام صديقاً لك أقرضته المال على إعادته فإذا قمت بحبسه لأنه لم يرد لك المال هو جائز لأنه حق لك ولكن ليس من الإحسان وحسن المعاملة فالقوانين التي تنظم حقوق الناس وتحفظ حقوقهم تكون متجردة من العاطفة فيظن القارئ لكتب الفقه أن عند حديثهم عن بعض المسائل المتعلقة بالحقوق أنهم لم يراعوا هذا الجانب من الإحسان وهذا خطأ وسوء تصور. 

الخطر لا يكمن إلا في وعي الأجيال التالية الذين هم نحن اليوم، إن هذا الفكرة  محددة بسياق تتمركز فيه فلسفة الحرية بشكل كامل في وعي الأجيال الثلاثة الماضية مع ظهور الحركات النسوية واللا جنسية والمغايرة للجنس وتغيير مقتضيات الشريعة لتناسبها مما رسخت - مفاهيم وقواعد وقناعات الأجيال المتنوعة بضرورة وجود هذه الفلسفة في الإسلام، باعتبارها جوهرًا غير قابل للتجزئة للإسلام من غير الإلمام الكامل للفكر الإسلامي القائم على حفظ الحقوق والواجبات والحدود، كمثال محاكمة اشتراكي للإسلام بأنه يعطي جزءً من مال الأغنياء للفقراء ولا يعطي الفقراء ممتلكات الأغنياء فهنا تتمركز الماركسية والإشتراكية لتحاكم الإسلام في شريعته واتهامه، ولو كان الفكر الماركسي انتصر في حربه مع الغرب وترسخ بدلاً عن مفاهيم الحرية والموافقة فلعل الزكاة كانت هي الشبهة التي تطرح اليوم مع تشبع المجتمعات والأجيال التي تليها بهذا الفكر الماركسي الاشتراكي.

وهكذا تم غسل وعي الأجيال المسلمة بأن الحرية وفلسفة جون ميل وجون لوك هي ضرورة لجوهر الأحكام الإسلامية، وأن الموافقة هو روح الإسلام لا الحقوق والواجبات! ويمكن السؤال ببساطة لما علي الإلتزام بهذه الفلسفة الدخيلة كمسلم؟ نعم يجوز اجبار الأمة أو الزوجة في حق الرجل الشرعي كما يحوز لهن اجباره على حقهن الشرعي من النفقة والمسكن. وقد قال النووي في باب الحقوق "إذا كان يجوز للزوج اجبار زوجته على الجماع فإجبار الأمة كذلك"
فالحقوق والواجبات شيء والإحسان شيء، فهل يمكننا أن نقول مثلا لا يجوز للولد أن يرغم والده على النفقة لأن هذا ليس من الإحسان الذي أُمر به؟ طيب والحقوق؟ فلا يقدم باب الإحسان عن الحقوق لأن فيه ظلم وجور كمن يحاول استرداد مبلغ من صديقه ومحاكمته ليستزد المال أو حبسه فيخبره القاضي:«لا يجوز لك اجباره لأن هذا ضد الإحسان» وما هكذا يستقيم أي شيئاً في الحياة، أنا متأكد أنكم تستوعبون كل الأمثلة السابقة وتعلمون الفرق بين الواجبات والحقوق وباب الإحسان وأن تقديم باب الإحسان عن الحقوق ظلم محض ولكن لماذا نشعر بالحساسية عند الحديث عن اجبار الرجل زوجته على الجماع؟ بل نسميه اغتصاب وهو حق من حقوقه؟ ببساطة بسبب تشبع مجتعاتنا بفلسفة الموافقة والتي تركزت في العلاقات الجنسية فشرعية أي علاقة جنسية لا تكون بالعقد بين الزوجبن او كيفية هذه العلاقة بل شرعيتها بموافقة وتراضي الطرفين ولو كانت حتى بالشذوذ، حتى أصبح بعضهم اليوم لا يستوعب كيف يقام الحد على الثيب الزاني لأنه يرى الموافقة موجودة بينما يجن جنونه حين يقرأ جواز اجبار الزوجة أو الأمة على الجماع والله المستعان هل جاء جون ميل لينسخ شريعة الإسلام وهداية الناس الى الجنة؟ أم أنهم فعلاً تمكنوا من تلويث أفكارنا وفطرتنا.

هل إذا خالف الفكر الإسلامي لفكر الموافقة والحرية التي جاء بها جون ميل يصبح خاطئاً؟ 
بكل جدية هنا الم يتم تأليه تشريعات جون ميل والاستسلام لها واتباعها بالطاعة من قبل المسلمين؟ 
ولا يتم استيعات رجل اخذ حقه الشرعي من زوجته او سبيته دون رضاهما؟ ومن ناحية أخرى، فإن طرأ تأطير لمفهوم العدالة الموضوعية الثابتة القائمة على الحقوق والواجبات، وتغييرها بالموافقة والتبرير الأخلاقي وهذا للأسف بسبب انتصار المفهوم المجرد لليبرالية ــ على الجانب "الإسلامي الفكري" واستلزم على المسلم طول تفكير وتعمق ليستوعب ببساطة أحقية الزوج في أخذ حقه الشرعي من زوجته بينما نراه لا يستهجن أحقية الزوجة بارغام زوجها على النفقة واخذ حقها الشرعي. 
• الموقف الأول لم يعد يمكن هضمه فكرياً مع الإغراق الذي حدث للخطاب الليبرالي والنسوي الشديد في المجتمعات بالقرن والنصف الماضية بينما سعادة تبرير احترام المخطط الوجودي للحرية يجعل الموقف الثاني سعيد وأخلاقي ويستمر تأليه تشريعات البشر وتجزئة الشريعة الإسلامية والنظر لها عبر فلاتر ليبرالية ومشهورات عقلية وهرطقة الشريعة الإسلامية بل واعتباره ليس بديناً سماوي لمخالفته فيلسوف وآخر.  
يمكننا ارغام الأطفال والأجناس غير الناضجة لما نراه نحن صحيحاً لأن فلسفة جون ميل تشير لهذا ويمكن تبرير ارغامهم على ارتياد المدرسة والنظر له كفعل أخلاقي أو حتى ممارسة الأستبداد كما يقول  فقد كان تفضيل جون ميل لـ "الفضيلة الفكرية" واضحاً يعني أن "الحرية ليس لها أي تطبيق" على الأطفال والأجناس غير الناضجة على المعايير المعرفية العالمية.  فقد قدم تفويضًا مطلقًا فيما يتعلق بالإستبداد واشار إلى أن: "الاستبداد هو أسلوب شرعي للحكم في التعامل مع البرابرة، بشرط أن تكون الغاية هي تحسينهم". 
ويمكننا ببساطة القول أن عبر التاريخ والوقائع التي سنعرضها كانت أفضلية المجتمعات الإسلامية على الشعوب التي يسميها  جون ميل بالـ "بربرية" ولم تكن الفتوحات والغزوات لأجل فتح الأراضي أو جمع الجبايات بل لتعليمهم دين ربهم وشريعة النبي المرسل لإخراجهم من الظلمات إلى النور ومن ذات الفلسفة يمكننا قلب الطاولة بسهولة، فما من أرض دخلها الإسلام في العصور القديمة إلا وازدهرت ونهضت ولنا مقال في هذا. 
إن ذات الفلسفة التي تبيح الإستبداد لبعض الشعوب والتحدث باسم العالم هو تسلط واضح ولكنه يبرر لأنه من جون ميل وليس من الله كما يبرر غزو العراق وقتل مليون عراقي لنشر الديموقراطية لأنها بقايا شريعة جون ميل لا شريعة الله فتأليه الإنسان هو المشكلة، واستمرار الدعاة هداهم الله بتبرير أن الإسلام يحترم فلسفات "النفعية الوجودية" والحرية الإستقلالية دون شعور فهم لا ينظرون لجذور ما يطرح من الشباب المسلم الذي نشأ وترعرع على هذه المصلطحات ويوعونهم بمقتضيات الشريعة، بل تجد بعضهم يجتهدون لإثبات أن الإسلام دين يحترم الحرية النفعية وقد يكون دون شعوراً منهم وهذه مآساة لا يشعر بها المسلمون.
 فقد جاء الإسلام لضمان الحقوق والواجبات لا الموافقة، إن محاولة وضع قيمة ليبرالية في المركز لتحاكم الإسلام وعدم الإعتزار بما شرعه الدين الحنيف هو المشكلة الحقيقة في هذه الأجيال. 
 هل تريد نصًا إسلامياً تبرر فيه أن الإسلام أهتم بالتراضي والموافقة عند الدخول بالسبية ليناسب قيم الليبرالية اليوم؟ ولو عرضناه وعرضنا ألف نص ما أريده هو إزالة هذا الشعور والحاجة الملحة داخلك لأنك بعدها ستنتقل إلى رجم الثيب الزاني وكيف يحدث هذا وقد زنا بموافقة الطرفين وكذلك الشواذ يريدون نصاً يحترم الموافقة كما تطلب أنت، لأن الرد بهذه الطريقة لا يرسخ إلا مفهوم واحد بالذهن أن الموافقة والفلسفة التي أنت متشبع بها صحيحة، ولا يعالج أصل المشكلة التي نناقشها هنا. 

 هل اتساق الإسلام مع هذه القيمة البشرية يجعل الإسلام ديناً صحيحاً جاء من إله حكيم عادل، أنت تريد نصاً لتحتصنه وتذهب فقط وقد أشدد عليك هنا وأقول بل يحوز الإجبار وعدم النظر لحالتها النفسية بل لا يجوز النظر لباب الإحسان لأنظر لوجهك كيف يغضب ثم أخبرك هل هذا كل ما يهمك فعلاً؟ 
ستجد الظاهرية يذكرون عدم جواز الدخول بملك اليمين أو الأمة إلا إذا أسلمت كشرط، وهذا قول فقهي شاذ تفردت به الظاهرية وكانت دولة الموحدية على هذا المذهب وكانوا لا يدخلون بالسبي حتى يسلمن، ومن المعلوم هنا أن السبية إذا عاشت بين المسمين وتقبلت قيم الإسلام واسلمت ، سيكون الدخول بها هنا برضاها بعد موافقتها، هيا فلتأخذ هذا الحكم الفقهي الشاذ المخالف للصحيح، واحتضن قيمك الليبرالية بعيدًا عن الإعتزاز بهذا الدين وأغلق المقال.
وأقولها صراحة لم ينظر الإسلام إلى موافقة السبية أو الزوجة على الدخول بها، كما لم ينظر إلى موافقة الزوج على النفقة على زوجته واولاده، لأن هذا عبر التاريخ كان من الحقوق والواجبات البديهية ما امتنع طرفاً منه إلا أُجبر، ، فلا يشترط للبالغ العاقل أخذ موافقته فيما واجب عليه شرعاً ولا يستوجب فرض قيمة فكرية مبنية على تأليه الإنسان واسقاطها على الإسلام، ففي الواجبات والحقوق والحدود تُقام وإن لم يرضى صاحبها، إن محاولة فرض قيمة ليبرالية مثل الموافقة على منظومة الإسلام من جهة واحدة وتجاهل موافقة الرجل على ما فُرض عليه هو طرفة تتبسم لها نواجدي
بينما عقد الزواج بالمفهوم الفقهي والإسلامي هو عقد استمتاع مع منفعة وأما ملك اليمين فهو تمليك مع منفعة فإذا أعطى الرجل النفقة وهو شرط المنفعة ثم أراد الإستمتاع بحقه ولم توافق زوجته أو أمته من إعطاءه حقه الشرعي دون عذر فأرغمها!، لما قد يصف بعضهم هنا بأن أخذ حقه الشرعي لا أخلاقي؟.
ألم تكن الزوجة أو الأمة لتأخذ النفقة من الزوج  أو السيد بإرغامه! ولو عنى هذا سجنه شرعاً؟
لما لا نسقط ذات الفلسفلة الليبرالية ونفكر قليلاً  بموافقة الزوج على النفقة على زوجته وأطفاله أم لا؟ لما لا نحترم موافقته ونسقط ذات المفهوم بالموافقة بجميع نواحي الشريعة، لما لا نجعل الشريعة ليبرالية!! نعم نجعلها ليبرالية ونحكم صحة ديننا بما تمليه علينا بعض القوانين الوضعية.
 إن محاولة إلزام المسلم بمفهوم الموافقة الليبرالي فيما يتعلق بموافقة المرأة بإعطاء زوجها أو سيدها حقه الشرعي، وغض الطرف عن موافقة الرجل على النفقة وتوريث ونسب أطفاله له أو رغبته بتحملهم هو من معضلات هذا المفهوم؟
نحن لا نقول أنه يجب إرغام الروجة أو الأمة على الجماع في حال امتناعهن دون عذر شرعي فهذا ليس من الإحسان ومخالف لما عرضناه سابقاً، ولا نقول أنه يجب أن يرغم الزوج على النفقة على زوجته إذا أمتنع أو يجب أن يرغم صديقك عاى إعادة المال الذي أقرضته أو حبسه وتصبح الحياة كميدان معركة ننتظر بها زلة بل نتحدث بتجرد عن الحقوق، ونعلم أن ما سبق يسير مع الإحسان والخُلق وحسن المعاملة دون إجبار من أي طرف ويكون الصبر واللين فيها هو عين المعاملة، ولكن نحن نرد على من يشنعون الإجبار في الحقوقه الشرعية بينما لا يشنعون من إجبار المرأة للزوج أو السيد على النفقة وغيرها من الواجبات.
ونحن نعلم أن وصايا الدين الحنيف بالمملوكة أغلظ من الزوجة الحرة لأنها بحال يرثى لها وساقتها الأقدار إلى هذا الحال وهي مستضعفة وقد أصابتها فاجعة من أمرها، لهذا أوصى الله بهن احساناً ونبه عليهن ضمن بر الوالدين وقال:   {وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالجَنبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ [النساء:36]} فهل الإجبار والإكراه من الإحسان الذي أمر الله به؟ وفي شرح ابن حجر في باب نكاح المُكْرَه يقول: " اذا كان النهي عن الإكراه فيما لا يحل فالنهي عن الإكراه فيما يحل أولى" فالإكراه على الحلال قد يكون جائز في الحقوق ولكن لا يكون اللين في شيئاً إلا زانه وصانه ومن البر.
اذا كان النهي عن الإكراه فيما لا يحل فالنهي عن الإكراه فيما يحل أولى
ولكن سبب تأثر المسلمين اليوم بالشعور أن إرغام الزوجة أو الأمة على الجماع هو شر أخلاقي!! هو ما يهم نقاشه لأن معظمنا اليوم وخاصة فيما يتعلق بممارسة الجنس يعتقد أن الموافقة والتراضي تضفي شرعية أخلاقية وسحرية لهذا الفعل، وهذا بسبب تمييع المسلمين اليوم لتعاليم دينهم، حتى أن بعض الملحدين عند مناقشتهم عن سفاح المحارم يخبرك أن النقطة المهمة هو "موافقة وحرية من يمارسونه"، وكأنه هنا قد أثبت صحة هذا الفعل في دول السويد وقد أضفى الشرعية الأخلاقية على هذا الفعل، هو يشعر أن الموافقة وحدها جعلت من سفاح المحارم أخلاقياً وحرية شخصية ومن الإجرام التدخل فيها لأنها قوانين الغرب، وبهذا تجد أن غالبية المسلمين قد تشربوا نوعًا من هذا المفهوم الليبرالي بالفعل حتى في تقرير صواب فعل أحله الله !؟. وتسميتهم لإجبار الزوجة أو الأمة هو اغتصاب لأنه فعل ينتهك مفهوم الموافقة المقدس، وما هو إلا هراء مغلوط، فلو عدنا إلى القرن التاسع قبل ترسيخ هذا المفهوم ستجد أن العالم وحتى النساء لم تنظر إلى مفهوم الموافقة كشرط عند المعاشرة، بل كان صوب اهتمامهم بالأحقية (زوج - سيد)مع النظر إلى حقوقهن من النفقة والرعاية ونسب أطفالهن وغيره، وهو الذي جاءت الشريعة لتراعيها، 

لماذا لم يفهم الفقهاء أن السبي اغتصاب

أما الرد حول هذا اولاً أخي ان مفهوم «الموافقة» لم يكن حاضراً في ذهن البشرية انت تسأل بينما هم لم يسألوا عن هذا الإشكال عندك، وهنا تكمن المشكلة في إسقاط مفهوم حاضر بالأذهان اليوم على عصر لم تكن هذه المفاهيم موجودة فيه وببساطة لكونها ليست مفاهيم يقينية وفطرية بداهة بل جاءت عبر التلقين والمشهورات العقلية.
ويجب علينا فهم الإشكال الحقيقي وهو أن البشرية عبر تلك العصور لم تتشرب فلسفة جون ستيوارت ميل للحرية ومفهومه للموافقة في تأطير وشرعنة أي فعل لمجرد موافقة آهواء صاحبه به وتجاهل ما كان من الدين أو الفطرة لأنه كان يقول بالعدمية الأخلاقية.
فمهوم الموافقة كما تراه أنت في الحقوق كان غائباً عن بالهم بعكس حالنا اليوم، فتجد النساء أنفسهن في تلك الفترة لم يكن ينظرن لضرورة موافقتهن فيما وجب عليهن من «رضاع وإنجاب وجماع» لأنهن كن على الفطرة وكن ينظرن لهذه الأمور كواجباتهن البديهية فكن يقمن بها دون إستنكاف أو إستنكار لمعرفتهن انها من حقوق الزوج أو السيد عليهن فقد كان مفهوم الموافقة كما نراه اليوم غائباً عن بال البشرية بكلاً من الرجال والنساء وهي من المشهورات العقلية اليوم التي تجعلنا نتوهم قبح أو حسن فعل وليس من اليقينيات الفطرية. 

ولهذا تجد غياب تام لأي نصوص في كتب التاريخ الإسلامي أو الفقه تستنكر فيه أمة من أن سيدها قد أجبرها على الجماع؟ وعدم ذكرهم للموافقة أصلاً! وأنت تقرأ كتب الفقه وتقول في نفسك؟؟ هل يعقل؟ ما بال القوم لم يكتبوا أي شيء حول موافقة السبية أو الزوجة؟ وأعلم أن كثير من المسلمين يحاولون البحث بجهد حول نص يوافق هذه الفلسفة من كل وجه لكي يعتبر الإسلام ديناً ربانياً وافق فلسفة جون ميل العظيم، لهذا اخبرهم بالتوقف هنا فما تبحثون عنه من فلسفة لم تظهر في ذهن البشرية كضرورة مشهورة إلا بالقرن التاسع عشر وما بعده، فتجد أنك تقرأ كتب الفقه بتعجب حول غياب هذا المفهوم وغياب أسئلة في كتب الفتاوى من قبيل: «لقد رفضت سبيتي الدخول بها فهل ابيعها أم اجبرها على هذا واضربها» رغم وضعنا لكلام الشيخ الحليمي بالقرن الخامس ولكن لم يكن كسؤال عن إشكالاً أو مسألة طرحت من العوم، بل أنك لن تجد سؤال وجواب عن هكذا مسائل بين الفقهاء والعوام، وكأنهم لم يتعرضوا لهذه المواقف، وهذا لأن السبايا كن يسلمن انفسهن دون التفكير بمفهوم الموافقة او يرين بأن هذا اغتصاب، لمعرفتهن ان هذه حقوق بديهية واجبة فمؤسسة الزواج ومؤسسة ملك اليمين هو مما يباح اخلاقياً ويستحل فيه وطء المرأة عبر العصور وتقبلته الفطرة والبشرية وعملت به وما عداه زنا، ولهذا تجد غياب تام لنصوص مثل رفض سبية الجماع أو فتوى لسؤال مشابه يجيبه بأن يطردها أو يبيعها أو يضربها وهكذا غياب للحكم الفقهي هو غياب للمشكلة التي لم تُفتح بينما تفتحها أنت اليوم بعصر مخالف تشبع فلسفات علمانية وليبرالية. 
بل نتحدى الملاحدة ان يجدوا لنا مثل هذه الأسئلة لنستخدمها في هذا البحث (لنثبت جواز اجبار الزوجة والأمة على الجماع بنصوص اكثر وضوحًا دون الحاجة لتأصيل مسألة الحقوق والواجبات) فلا يعقل أن آلاف من عمليات السبي عبر العصور لم يظهر فيه إشكال رفض إحدى السبايا تسليم نفسها ثم سؤال العوام للفقهاء والجواب عن المسألة، فغياب الأسئلة السابقة في كتب الفقه وردودها وعدم استخدام الخطاب الإلحادي لها دليل قاطع على غياب الإشكال ذاته في الذهن حول مفهوم الموافقة، وكأن الناس لم يكونوا يسألون عنها؟ كأن السبايا لم يعترضن؟ لأنهن فعلاً كن كذلك في كثير من الأحيان بل كن يتقربن ويتوددن من الملوك وكبار القوم ولدي ما يثبت هذا تاريخياً، ويكفي شهادة المستشرقين حول رفض السبايا العودة إلى مواطنهن وترك أسيادهن المسلمين بعد انتهاء الحروب مع السماح لهن بذلك كما يذكر جون جادسبي فهل هن عشقن الاغتصاب؟ أم أن مفهوم الموافقة والحساسية الهائلة عليه اليوم لم يكن حاضراً في بالهن حتى؟ 
وببساطة البشرية منذ عهد ابراهيم الى القرن التاسع عشر لم يخطر في بالها أن مفهوم "الموافقة" شرط لإتيان الحقوق وأنه في حال غيابه يصبح الفعل اغتصابً، لأن الموافقة في عصرهم على ما وجب من الحقوق الشرعية ليست بمهمة اطلاقاً فما كان واجباً ينفذ، ولم يكن مفهوم الموافقة قديماً يبرر ما تبررونه اليوم أخلاقية مثل ممارسة الجنس دون عقد زواج او ملك يمين بل يعد هذا زنا ويوجب العقوبة على فاعله ولو لاحظنا أنه حتى مع حضور مفهوم الموافقة بين طرفين قديماً لم تبرر أفعال معينة مثل ممارسة الجنس خارج اطار (الزواج وملك اليمين) بل كان ما يهم سلوك البشرية هي الحقوق البديهية لمؤسسة الزواج وملك اليمين «النفقة والرعاية مقابل الإستمتاع» فالنفقة تؤخذ بالقوة من الرجل بغض النظر عن موافقته لأنه حق، وكذلك جاز أن يؤخذ حق الإستمتاع بذات المبدأ لأنه حق، وبالرغم من هذا كانت هذه البديهيات تقام دون ارغام بكثيراً من الأحيان، وهذا بعكس المجتمعات الليبرالية اليوم التي جعلت الموافقة وحدها تقريراً لأخلاقية أي فعل دون الإهتمام بالحقوق ما بعد قضاء النزوة، ثم يسألونك لما انتم لم تهتموا لهذه الفلسفة العظيمة أيها الرجعيون المتوحشون في كتبكم الفقهية أين الموافقة والإستقلالية، فيخيل إليك أن هناك سلاسل من الاغتصابات كانت تحدث وهذه مغالطة، لأنهم يفترضون أن السبايا عبر العصور كان لديهن نفس المفاهيم بينما كان لديهن مفهوم ملك اليمين وأحقية دخول سيدها بها دون مقاومة ولو وجدت المقاومة والرفض من السبايا لوجدت الأسئلة بكتب الفقه ولما غابت نصوص توضح لنا عن رفضهن وشكواهن او شكوى أسيادهن من رفض السبايا وكيفية التعامل الشرعي معهن..... الخ

لهذا لن تجد كتابات فقهية وردود تذكر أن نساء احتججن على ازواجهن او اسيادهن بإجبارهن على الجماع أو نصوص تذكر أن الزوج أو السيد جعلها تحبل دون أن يسألها «هل تريدين أن تصبحي أمًا أم تفضلين الإجهاض فهو جسدك بالنهاية» فإفتراض وجود فلسفات ذهنية حاضرة اليوم مثل الإستقلالية والتراضي والموافقة واسقاطها على ذهن البشرية في السابق هو المعنى الحقيقي للمغالطة بجعل مشهورات عقلية مناط للتحسين والتقبيح وتشرب المجتمعات المسلمة لهذه المصطلحات. 
وببساطة السبايا التي يتباكي عليهن الناس اليوم لم يشعرن بنفس مشاعر هؤلاء، لمعرفتهن الذهنية أن هذه حقوق للرجال وواجب عليهن فلم تكن هناك مقاومة او اعتراض هذا كالمعرفة البديهية أن عليها أن تنجب وترضع ولدها وتجامع زوجها أو سيدها. ومثل أن الرجل عليه النفقة والرعاية والحماية هذه البديهيات لما كانت طبيعة البشر غابت عنها العلمنة التي ما زلنا نشرحها للمرة الثالثة فلما تلزمون دينكم بها يا مسلمين. 

فسؤال اين موافقة السبية او الزوجة هو اشبه بسؤال هل وافقن زوجات الصحابة أن يصبحن أمهات؟ لماذا يتم اجبار الصحابيات على الإنجاب دون سؤالهن عن رغبتهن بهذا واين استقلالية اجسادهن؟ سؤال من هذا القبيل يرد بضحكات بصوت أبا جهل.

أما وصفهم بأن ممارسة الرجل لحقه الشرعي مع المرأة دون النظر إلى الموافقة هو اغتصاب هذا مما لا تتفق عليها عقول البشرية ولم تقبحه بل العقول تقبح العلاقات الرضائية خارج إطار الزواج، فالإغتصاب : هو ما أُخذ بغير وجه حق ، وهنا للزوج والسيد على المرأة حق، وقد قرر الشافعي رحمه الله أن من أخذ سبية من الفيء قبل القسمة واغتصبها فإنه زانً ويحد وهذا اغتصاب لأنه أُخذ بغير وجه حق وقبل اقتسامه. 
اغتصب الرجل الجارية ثم وطئها بعد الغصب وهو من غير أهل الجهالة أخذت منه الجارية والعقر وأقيم عليه حد الزنا
وأما الإمام مالك تحدث بشأن من اغتصب جارية غيره بغير وجه حق فقال ومن اغتصب أمة فوطئها فهو زانٍ وعليه الحد، فالإغتصاب ما كان بغير وجه حق فلا سبيل للمقارنة بين ماهو حق الإجبار فيه وبين ما هو ليس بحق للإنسان 
ومن غصب أمة فوطئها فهو زانٍ وعليه حد

ثانياً: أليس الإقرار هو الموافقة

يمكننا القول أن إقرار اي مجتمع او دين لأمر وممارسة أفراده له هو اعترافهم بأخلاقيته وموافقتهم لهذا الأمر، فقد جاء الإسلام وجعل ملك اليمين مباحًا تطبيقه في الحروب لمن كانت تدين بدينً سماوي من أهل الكتاب وهذا في إجماع الأمة انه لا يجوز وطء أمة مشركة بملك اليمين بينما يجوز وطء اليهودية أو النصرانية بملك اليمين  
وجائز للمسلم نكاح الكتابية، وهي اليهودية، والنصرانية، والمجوسية، بالزواج ولا يحل له وطه أمة غير مسلمة بملك اليمين
وكذلك كان أهل الكتاب من اليهود او النصارى كانوا يمارسون ملك اليمين ويقرون بأخلاقيته وكذلك قريش وهم أبناء إسماعيل وقد دخل نبي الله إبراهيم بهاجر أنجب منها إسماعيل، ولم يرى العرب أو اليهود والنصارى أن ملك اليمين فيه ما يعيب وكان إقامة شرعم عليهم شيئاً مباح
يحرم وطء ملك اليمين المشركة ومن لم يكن لها كتاب
وتجد اليهود من أهل الكتاب مؤمنين بشريعة موسى ومقرين بمشروعية [الزواج - وملك اليمين] وإستحلال وطء المرأة يكون لديهم إما بعقد زواج أو ملك يمين وما دونه يعد زنا، فاليهودية التي وقعت في أسر المسلمين هي وقومها أصلاً يقرون ويؤمنون بمشروعية دينهم بملك اليمين  كعقد يبيح الدخول بها بشكل متعارف عليه عُرفاً وديناً والإقرار هنا هي الموافقة 
كانت السرية زوجة شرعية ولكنها بمرتبة أقل من الزوجة العادية
وكذلك النصرانية تؤمن بمشروعية ملك اليمين واستحلال هذا العقد كعقد زواج من أسيرة الحرب عُرفاً عند قومها وديناً كما في كتبهم، بل يسمون أسيرة الحرب التي دخل بها سيدها سرية كما نسميها نحن المسلمون
فهن أصلاً مؤمنات في دينهن السماوي بهذه المشروعية فيقام هذا العقد الذي أحله الله وآمن به قومها وعملوا به ورضى قومها عنه وإيمانهم بهذه المشروعية ينبغي معه رضى أهلها بمشروعية ملك اليمين ...  فأُحل للمسلمين اتخاذه الكتابيات أزواج بملك يمين.
وطء الوثنية لا يجوز كما لا يجوز تزويجها
ويمكننا القول ببساطة إن الإقرار هو الموافقة بحد ذاته، ولم يلتفت العالم القديم منذو القرن السابع وحتى القرن السابع عشر إلى الموافقة كشرط مهم كما أصبح اليوم من المقدسات الليبرالية.

كيف كان حال ملك اليمين 

إذا ما شرحنا معاملة المسلمين مع السبايا ستتضح الصورة أكثر ونفهم واقع هذه العلاقة  التي ترسخت في الذهن كصورة مسيئة، وكيف كن السبايا يرفضن ترك أسيادهن المسلمين من حسن المعاملة بشهادات ممن درسوا الرق من الغرب، فقد ركزت الشريعة على كفالة من تأرملت بعد الحرب وأصبح لا كافل لها هي واطفالها، ففي زمن العرب والقرن السابع تحديداً  بين الفقر والجوع وانتشار البغاء لم يكن للمرأة التي مات زوجها من خيار غير بيع اطفالها، أو قتلهم خشية إملاقاً وأمن الفقر، وأما أن تعمل في البغاء، وقد روي عن امرأة في زمن الجاهلية  كانت تؤاجر نفسها في البغاء، وكان لها بنات تخاف أن يأخذن أخذها، فكانت إذا غدت  تبغي تقول لبناتها احفظن أنفسكن وإياكن أن يقربكن أحد، فقالت إحداهن: تنهانا أمنا عن البغاء وتغدو فيه. واصبح قولها هذا من اشهر أمثلة العرب على الإطلاق، ولكن إذا ما تأملنا متسائلين لما المرأة تعمل بهذا العمل ثم تنصح بناتها بإجتنابه، فإن السبب هو ضيق الحال وفقدان رب الأسرة الذي يعبلهم وهذا إما بسبب موت أو حرب، وكذلك جاءت الشريعة الإسلامية بكفالة أولاد المحاربين وذراريهم كما أسلفنا وقام بتحويل مؤسسة العبودية لتبادل منفعة بين السيد والعبد، وأوضح مثال على تركيز الإسلام على كفالة أولاد المحاربين بعد انتهاء الحرب هو تحريم أخذ سبية دون اطفالها أو بيع احدهم دون الآخر فإذا كنت آخذ نصيباً من الفيء ووجدتها امرأة لها أطفال فإنك مكلف بنفقتها هي وأولادها، وشدد الرسول على هذا وقال : من فرق بين والدةً وولدها فرق الله بينه وبين أحبته يوم القيامة. 
ولا أعلم بحق لما كل علماني يروج أن المسلمين كانوا يدخلون بكل سبايا الحرب بعقد ملك اليمين رغم أن أكثر السبي من ذرية المقاتل كان المسلمون يكفلونهن بعد موت ابائهن بالمعركة ويزوجوهن لعبيدهم المسلمين عملاً بالآية {وأنكحوا الأيامى منكم والصالحين} ، وكما تحدثنا عن حق العبيد في بيع انفسهم في حال عدم رضاهن عن اسيادهم كذلك الجواري من السبي في حال عدم رضاهن عن اسيادهن جاز لهن طلب بيعهن لآخر فقد جاء في الدرر المنثورة :" إن الجارية التي تكون غير مسرورة من المنزل وكانت راغبة في تركه فيكفي في ذلك أن تقول: بيعوني وحينئذ تباع إلى من ترضاه ويعجبها، وقد جرت العادة أنها لا يمكن أن تباع إلى شخص لا يلائمها، وأما من حيث الوجه الشرعي فإن الظلم والجفاء لا يجوز إتيانه بحق الأسرى على وجه الإطلاق وعند مراجعة المحكمة في الأمر فالعدالة تأخذ مجراها لدى الحاكم". 
ويستفاد من ذلك أنه لا فرق بينهن وبين الخادمات بمرتب شهري، بل إن الجواري عند المسلمين أفضل حالاً من الخادمات بأجر في أوروبا، فالخادمة إذا لم تتفق مع زوجها ورغبت في الانفصال عنه فهي بذاتها تبحث عن محل لها، أما الجارية المتزوجة إذا حدث خلاف مع زوجها فإنها تعود إلى بيت سيدها وكأن سيدها الذي كفلها بعد سبيها في الحرب صار والدها جاء في الدرر المنثورة ص 375:"وأما الجارية فليست من هذا القبيل لأنها متى صارت زوجة ولم تستطع أن تعيش مع زوجها ورغبت في أن تنفصل عنه أتت توا إلى منزل سيدها كأنما هي آتية إلى منزل أبيها وحينئذ يترتب على سيدها أن يتحرى لها على زوج ملائم فيزوجها به تكرارا والأسياد هم الذين يتولون حماية أولاد جواريهم ويساعدونهم في تعليمهم وتدريسهم، وكل جارية تشاهد من زوجها ظلما تشكو أمرها إلى سيدها الذي يدافع عنها فإذا توفي زوجها ولم يترك ميراثا كافيا لإدارتها تأتي بأولادها إلى منزل سيدها نظير هاته الجارية المعتوقة التي ترينها من هذه النافذة قابضة على يد ولدها الصغير وطائفة به في فناء الدار لأنه متى عجزت الجارية المعتوقة عن القيام بإدارة نفسها وجب شرعا على معتقها أيا كان أن ينفق عليها فإذا امتنع أكرهه القاضي على ذلك. وبعكس الأمر إذا توفيت جارية بلا عب عن ثروة طائلة كان لمانحها الحرية - أيا كان - نصيب من الإرث فينتج من ذلك أن الجواري معدودات من أخصاء العائلة تماما وزيادة عما تقدم أننا نأتمن الجواري على مفاتيح خزائننا ونسلمهن إياها مع أننا لا نأتمن الخدم عليها بالكلية، فإن الجواري لا يركبن غارب الخيانة لأن بين الجارية وسيدها صلة ورابطة كبيرة بهذا المقدار، حتى أن الجارية لا يمكن أن تخون مولاها إلا إذا كان الأولاد يخونون والديهم فإذا مرض سيدها بذلت روحها وقلبها في سبيل خدمته مخافة أن تفقده، وكان مثلها في هذا الأمر مثل الأولاد الذين تأخذهم الرعدة والمخاوف من فقد وضياع أمهم وأبيهم"
ويشهد للكلام السابق المؤزخ ول ديورانت وهو يشير إلى هذا قائلاً [حال العبيد في الشرق أفصل من حال العمال في مصانع أوروبا بل لعل حال العبيد كان أفضل حالاً من ذلك الصانع لأن العبد كان آمن على حياته منه]
حال العبيد في الشرق أفصل من حال العمال في مصانع أوروبا بل لعل حال العبيد كان أفضل حالاً من ذلك الصانع لأن العبد كان آمن على حياته منه
ولهذا نقول لكم لا تستغربوا حين وصف المستشرقون أن العبودية عند المسلمين أقرب إلى التبني ويعاملون كجزءً من الأسرة، ولن تجدوا تعريفاً يفهمكم ماهية مؤسسة الرق عند المسلمين، وهذا ما شهد له مؤسس الصليب الأحمر هنري دونانت عن حال العبيد هناك قائلاً : " في تركيا تم إطلاق سراح العبيد الذين كانوا يُنظر إليهم في كثير من الأحيان على أنهم جزءً من "الأسرة" بعد عدد معين من سنوات الخدمة ؛  حتى أنه كان من المعتاد تكوين راتب سنوي صغير أو رفاهية كافية للعبيد الذين قدموا الرعاية للأطفال في المنازل"
في تركيا تم إطلاق سراح العبيد الذين كانوا يُنظر إليهم في كثير من الأحيان على أنهم جزءً من
ومن الغريب أن يصف كل مستشرق يرى حال العبيد عند العرب بأنه كان تبنيًا أو بأنهم كانوا جزءً من الأسرة فيعود مؤسس الصليب الأحمر هنري دونانت ليقول : "غالبًا ما ينتهي الأمر بالخدم القدامى إلى تحريرهم من قبل أسيادهم، كانت أنماط التحرر عديدة والوعود كانت مقدسة ومتكررة واندمج العبد المحرر بشكل طبيعي تمامًا مع السكان الأحرار دون أن يكون هناك تمييز لأصله أو لون بشرته أو أذلاله لهذا وفقًا للتعبير الإسلامي كان العبيد في كثير من النواحي جزءًا لا يتجزأ من "الأسرة" - يجب أن نضيف أيضًا أن السعر المنخفض للعبيد كثيرًا ما أتاح لهم الفرصة للمكاتبة والتحرر"
غالبًا ما ينتهي الأمر بالخدم القدامى إلى تحريرهم من قبل أسيادهم، كانت أنماط التحرر عديدة والوعود كانت مقدسة ومتكررة واندمج العبد المحرر بشكل طبيعي تمامًا مع السكان الأحرار دون أن يكون هناك تمييز لأصله أو لون بشرته أو أذلاله لهذا وفقًا للتعبير الإسلامي كان العبيد في كثير من النواحي جزءًا لا يتجزأ من #الأسرة.  - يجب أن نضيف أيضًا أن السعر المنخفض للعبيد كثيرًا ما أتاح لهم الفرصة للمكاتبة والتحرر
وفي حال نشوز الإماء يكون التعامل مع الزوجة الحرة بالموعظة والنصح ثم الهجران ثم الضرب عند  الإضطرار، وأما ملك اليمين يُحرم ضربها في حال نشوزها أصلاً كونها أسيرة حرب ومملوكة، ومن صفع أو ضرب مملوكه أو جاريته يعتق رغماً عنه وفي حال إمتناع الأمة عن سيدها ونشوزها أو هروبها عنه هي أو الزوجة تسقط النفقة على الزوج أو السيد وأما اذا كان السيد مزوج أمته لرجل فيكون من حق السيد أن تخدمه واذا رفضت سقطت النفقة عنها كون الخدمة مقابل الإعالة قائم وشرط
.....
وقد حرض النبي على عتقهن ثم الزواج منهن واعطائهن مهر كامل وقال ﷺ ثلاثة لهم أجران وذكر رجل كانت له أمة فأحسن تربيتها ثم أعتقها فتزوجها :
ثلاثة لهم اجران وذكر رجل اعتق أمته ثم تزوجها
فكان مقتضى الشريعة في هداية الأسرى ومن حكمة فرض الرق والسبي هو تعليم من لا يجوز قتلهم في المعركة تعاليم الدين الإسلامي كونها فريضة، وأمهات سلاطين عثمان جميعاً كُن من العبيد فتأمل معي الأثر التالي  قال  عبيد الله بن الحسن قاضي البصرة  :[ كانت عندي جارية أعجمية وضيئة ، فكنت بها معجبا ، فكانت ذات ليلة نائمة إلى جنبي ، فانتبهت فلمستها فلم أجدها وقلت شر فلما وجدتها وجدتها ساجدة وهي تقول : بحبك لي اغفر لي قال : قلت لها : لا تقولي هكذا قولي : بحبي لك، فقالت : يا بطال حبه لي أخرجني من الشرك إلى الإسلام، وحبه لي أيقظ عيني وأنام عينك قال : قلت : فاذهبي فأنت حرة لوجه الله، قالت : يا مولاي ، أسأت إلي ، كان لي أجران وصار لي أجر واحد ] فتأمل كلام هذه الأمة كيف ترى دخولها بلاد المسلمين بصفتها أمة من حب الله لها إذ عرفها بهذا الدين التي كانت فيه سبية وكيف تملك من الإيمان والحمد ما لا يملكه كثيرون وهذا الشاهد نجده في الكتابات الغربية ايضاً وهو يشرح تعجب جون جادسبي حين قال : [خلال الحرب بين الإغريق والعثمانيين كانت معظم فتيات العبيد البيض في تركيا من الإغريق ، الذين تم أخذهم بواسطة إبراهيم باشا ومع ذلك عندما تم إعلان السلام رفض جميعهم تقريبًا ترك أسيادهم والعودة إلى ديارهم ؛  ويقدم السيد كارني رواية عن جارية من دنغولا سُئلت عما إذا كانت ترغب بالعودة إلى المنزل حيث كانت فيه حرة ؛  لكنها رفضت ذلك فقد كانت تحب سيدها الجديد ووضعها الجديد جيدًا لدرجة أنها لم تكن لديها رغبة في العودة إلى حالتها السابقة ]
خلال الحرب بين الإغريق والعثمانيين كانت معظم فتيات العبيد البيض في تركيا من الإغريق ، الذين تم أخذهم بواسطة إبراهيم باشا ومع ذلك عندما تم إعلان السلام رفض جميعهم تقريبًا ترك أسيادهم والعودة إلى ديارهم ؛  ويقدم السيد كارني رواية عن جارية من دنغولا سُئلت عما إذا كانت ترغب بالعودة إلى المنزل حيث كانت فيه حرة ؛  لكنها رفضت ذلك فقد كانت تحب سيدها الجديد ووضعها الجديد جيدًا لدرجة أنها لم تكن لديها رغبة في العودة إلى حالتها السابقة
فهل يشهد الأعداء كذبًا أم كتبوا عجبًا فلو كانت علاقة ملك اليمين مع المسلمون بنيت على اغتصاب كما يقول بعضهم فلما يا ترى النساء والأطفال والجواري من ملك اليمين رفضوا التحرر والعودة إلى أوطانهم وترك أسيادهم المسلمين؟ هل كان عن حب للإغتصاب أم حبًا لهذا الدين ةالإحسان لهم، هل رفضوا جميعاً هذا لأن السبايا أحببن من اغتصبهن وقام بإذلالهن كما يقال من أبناء جلدتنا أم إن السبب حسن معاملة المسلمين والإحسان إليهم كما نص القرآن ووصى الله ورسوله وحبهم للدين بعد معرفته،  وحق لنا أن نفخر بهذا الدين، وما قاله جون جادسبي وكارني هو شاهد تاريخي متكرر على ما قالته تلك الجارية للحسن قاضي البصرة [من حبه لي أخرجني من الشرك إلى الإسلام، ومن حبه لي أيقظ عيني لقيام الليل وأنام عينك فكيف لا أسأل الله بحبه لي أن يغفر لي] فأعتقها فحزنت.  

ولكن ملك اليمين تشريع للزنا خارج إطار الزواج!

وهل العلماني له الحق بالحديث عن إطار الزواج؟ هل يمتنع النظام العلماني أو الليبرالي اليوم من تقنين الزنا خارج إطار الزواج هل يكترث لهذا اصلاً ماهذا التناقض ! وثاني نقطة هنا  ليس كل أسيرات الحرب يتخذن للتسري فهناك من يتخذن للخدمة واستخدامهن بالخدمات المنزلية مقابل النفقة دون الدخول بهن وهؤلاء يجوز بيعهن للخدمة والكفالة وأما من أتخذها المسلم زوجة ودخل بها فتسمى سرية وتصبح من عرضه وضمن نسائه وهذا مشروعية لعتقها فاذا ولدت من سيدها تسمى أم ولد فقد ضمنت حريتها بعد موت سيدها ويُحرم بيعها وينسب الولد للأب ويرث هذا الولد ويولد حرًا ويحمل اسم والده فكيف تسميه خارج إطار الزواج ولها نفقة وحقوق وواجبات ونسب أولادها له ويورثون وقد طالب الفقهاء بتهيئتها بمنزل ومأوى وطعام ولباس ونفقة وعدم تفريقها عن أولادها قبل السبي أو بعده فهل يكون الزنا بنسب الأولاد للأب وتحمل نفقتهم وتوريثهم ؟ هل يكون زنا وهي لرجل واحد بعقد متعارف به منذ قديم الأزل عُرفًا ودينًا فكيف تقول يا مفلطح أنه خارج إطار الزواج وانت الذي ترى تقنين الدعارة الغربية حرية فهل يملك أولاد الزنا في الغرب ثلث ما يمتلكه اولاد ملك اليمين ؟ ولماذا القانون المدني يحرم هؤلاء الأطفال من حقوق الأسرة والورثة والنفقة ومسؤولية الوالدين وهذا كان تساؤل الرحالة الفرنسي جيرارد دي نرفال حين قال حتى أولاد ملك اليمين يورثون ويولدون شرعيين عند المسلمين بينما تلتهم الدعارة موطننا الأوروبي هل نريد أن نسأل أنفسنا بصدق لماذا يحرم القانون المدني أولاد الزنا من الميراث وحقوق الأسرة فهل يجيب العلمنجي عن سؤال جيرارد ؟ 
رهاب الرق الإعلامي
لتعلم أن العبودية عند المسلمين لم ينظر إليها كمشكلة عند دعاة تحرير الرق لعلمهم أن العبودية عند المسلمين كانت حميدة ولهذا جاء تحريرها متأخراً كما يقول ديفيدإلتيس، بل كان صوب تركيز حركة تحرير الرق نحو العبودية الغربية التي كانت شنيعة، بل صنفت المجتمعات الإسلامية بأنها مجتمعات داعمة للعبيد وليست مجتمعات العبيد، ولم يتم تشويه مفهوم العبودية الإسلامية وإظهارها ككارثة بشرية إلا بعد ظهور حركة مغرضة في القرن التاسع عشر لفعل هذا، يقول استاذ التاريخ بجامعة إيموري 'ديفيد إلتيس' عندما انتقدت الدول الأوروبية العبودية في بلاد العثمانيين جادل العثمانيون بأن العبودية في إمبراطوريتهم، كما هو الحال في المجتمعات الإسلامية الأخرى، كانت مختلفة جوهريًا عن العبودية في الغرب، وأكدوا أن الوضع كان أكثر اعتدالًا إلى حد كبير لديهم لأن العبيد لم يكونوا يكدحون في المزارع كالغرب، وقد أتيح للعبيد فرصة حقيقية للإندماج في المجتمع العثماني من خلال الزواج والعتق، كان العبيد يعاملون معاملة حسنة بشكل عام، وتم الحفاظ عليهم بشكل أكبر، واعتبروا أفراداً من الأسرة، وعلى العموم"
ثم يقول ديفيد : فقد حظي هذا الرأي بقبول واسع من العلماء الدرسين للرق في الشرق على نطاق واسع، وتم تصنيف المجتمعات الإسلامية على أنها "مجتمعات بها عبيد" وليس "مجتمعات العبيد"، في هذه المجتمعات كانت العبودية أكثر اعتدالًا وأفضل اندماجًا وأكثر انفتاحًا على الجميع، لهذا جاء إلغاؤها متأخرًا ولم تشكل أبدًا قضية سياسية كبرى

ثم يكمل قائلاً: (( وبعد مضي عقدين  تغيرت المفاهيم  لقد أصبح الباحثون أكثر انتقادًا، وأقل قبولًا، وربما أقل استعدادًا لتحمل النتائج الأوسع لما يمكن أن نسميه "النقاش حول المعاملة الجيدة".  لا بد من الاعتراف بوجود خط رفيع بين دراسة الثقافة بالتعاطف وتجنب التقييم المطلوب لممارساتها، بما في ذلك من الناحية الأخلاقية.  إن فهم السبب وراء كون الاستعباد أمرًا طبيعيًا في العديد من المجتمعات لا ينبغي أن يؤدي إلى التغاضي عنه.  ولكن أيضًا تقدير الخيارات المتاحة للناس في الإمبراطورية العثمانية وتقييم الخيارات التي قاموا بها أمر مهم ويستحق اهتمامنا واحترامنا.))
هنا نفهم أن العبودية في الشرق لم تشكل قضية سياسية مهمة في نظر العالم الأوروبي آن ذاك لحسن معاملتهم مع عبيدهم وتم تصنيف المجتمعات الإسلامية كمجتمعات مع العبيد وليست مجتمعات العبيد ... واذا لم تفهم معنى هذا الكلام نستعرض لك ما قاله وليام هولت شارحاً لحال العبودية في الدولة العثمانية فيقول [ أكتفي بالقول عن العبودية في الإمبراطورية العثمانية أن والدة السلطان كانت من العبيد، وأمهات أولاده جميعهن من العبيد وكان خسرو باشا عبداً ايضاً وكذلك خليل باشا وصهر السلطان كان من العبيد وكان حافظ باشا عبداً كذلك، كان العديد من الرجال الأكثر تميزًا والنساء الأكثر حظًا في الإمبراطورية من العبيد. ]
أكتفي بالقول عن العبودية في الأمبراطورية العثمانية أن والدة السلطان كانت من العبيد، وأمهات أولاده جميعهن من العبيد وكان خسرو باشا عبداً ايضاً وكذلك خليل باشا وصهر السلطان كان من العبيد وكان حافظ باشا عبداً كذلك، كان العديد من الرجال الأكثر تميزًا والنساء الأكثر حظًا في الإمبراطورية من العبيد
ولتتضح الصورة أكثر يقول المؤرخ غوستاف لوبون : "والذي أراه صادقاً هو أن الرق عند المسلمين غيره عند النصارى، وأن حال الأرقاء في الشرق أفضل من حال الخدم في أوروبا، فالأرقاء في الشرق يؤلفون جزءاً من الأسرة، ويستطيعون الزواج ببنات سادتهم كما رأينا ذلك سابقاً، ويستطيعون أن يتسنموا أعلى المراتب، وفي الشرق لا يرون في الرق عار، والرقيق أكثر صلة بسيده من صلة الأجير في بلادنا"
ثم يقول غوستاف : [وأعترف جميع السياح الغربيين الذين درسوا العبودية عند العرب دراسة جدية أن الضجة المغرضة التي انشأها الأوربيين لا تقوم على اساس صحيح] وهذه الضجة المغرضة التي تجد المتأثرين بالشبهة والذين اعتنقوا الباذنجان مع الانسانية ابتلعوها ويتزحلقون بالبكاء عن العبيد من صورة صنعتها الخيالات الأمريكية للقصص المصورة كما يقول غوستاف لوبون
وأعترف جميع السياح الغربيين الذين درسوا العبودية عند العرب دراسة جدية أن الضجة المغرضة التي انشأها الأوربيين لا تقوم على اساس صحيح 
واذا تمعنت بكلام ديفيد إلتيس المشابه لكلام غوستاف لوبون  حول ظهور حركة مغرضة للنقاد أثارت ضجة عن العبودية في الشرق وهنا قد تستغرب عن أي ضجة يتحدثون وعن أي حركة مغرضة بالضبط واذا فتحت كتاب المستشرقة يورا فاغليري تجدها هي أيضاً ترد على هذه الضجة قائلة : 
"يجب أن نذكر أن حال العبيد عند المسلمين أفضل مما يحب أن يعتقد الأوروبيون ويستطيع أن يجد المرء مصداق ذلك في كلام كثير من الأوروبين الذين يزورون البلدان الشرقية ومن غير العدل أن نقارن بين الرق في الشرق وبين العبودية التي كانت قبل قرن واحد فقط في الولايات المتحدة"
يجب أن نذكر أن حال العبيد عند المسلمين أفضل مما يحب أن يعتقد الأوروبيون ويستطيع أن يجد المرء مصداق ذلك في كلام كثير من الأوروبين الذين يزورون البلدان الشرقية ومن غير العدل أن نقارن بين الرق في الشرق وبين العبودية التي كانت قبل قرن واحد فقط في الولايات المتحدة
ويظهر هنا أن حركة للنقاد قد ظهرت مما أثار ضجة إعلامية مغرضة عن العبودية في الشرق الإسلامي وهذه الضجة التي أنشأها الأوروبيون قامت على التشويه وإظهار الرق عند العرب كمآساة بشرية واسعة، ثم جاء دور السينما التي رسخت الصورة الخيالية للعبد البائس والتي التصقت في الأذهان عند سماع كلمة "عبودية" أو "عبد" وما هي إلا خيالات ومحاكاة لحال العبيد الذين كانوا في أوروبا فألصقوها على الإسلام فكان الرد من الرحالة والمستشرقين الذين عاشوا عند العرب وكتبوا شهادات نفخر بها حتى الأعداء والحاقدين فيقول موراي جوردون في كتابه "العبودية في الشرق" : [ إن المعاملة الممنوحة للعبيد ترقى إلى المستوى الذي دعا إليه محمد والذي نصت عليه الشريعة الإسلامية إن الغربيين الذين يسافرون شبه الجزيرة العربية ومصر وأجزاء اخرى من الإمبراطورية العثمانية كانوا متأثرين بشكل عام بطبيعة العبودية الحميدة التي هناك ]
إن المعاملة الممنوحة للعبيد ترقى إلى المستوى الذي دعا إليه محمد والذي نصت عليه الشريعة الإسلامية إن الغربيين الذين يسافرون شبه الجزيرة العربية ومصر وأجزاء اخرى من الإمبراطورية العثمانية كانوا متأثرين بشكل عام بطبيعة العبودية الحميدة التي هناك ]
ولا يوجد أي مستشرق عاش حقيقة العلاقة بين العبد وسيده عند العرب ورأى الحال الذي كان فيه العبيد من الرخاء إلا ووصف مؤسسة العبودية عند العرب بأنها نوع من الكفالة أو التبني رداً منه على من أثاروا ضجة في كتاباتهم عن العبودية في الشرق لهذا ترون كل هذه الشهادات،  لدرجة أن الرحالة السويسوي بوركهارت في رحلته الي مصر والسودان وصفها قائلاً "إن العبودية عند العرب لم تكن سوى بالاسم" لهذا تفهمون لماذا تم تصنيف المجتمعات الإسلامية قبل الحركة الأوروبية المغرضة على أنها مجتمعات مع العبيد وليس مجتمعات العبيد وهنا تكونوا فهمتم لماذا قال ديفيد إلتيس [[ لهذا جاء الغاء الرق فيها متأخراً ولم تشكل قط قضية سياسية رئيسية]] 
كتاب مؤتمر الكنيسة مادحًا الإسلام ونظام الرق الإسلامي
ولعل  مؤلف كتاب مؤتمر الكنيسة الحاقد بعد أن سخر من بعض عقائد المسلمين في كتابه، حين ذكر حال العبيد شهد شهادة حاقد يمكن أن نوردها هنا وهو يقول محمد مثل موسى لم يحرم العبودية كان ذلك مستحيلاً لكنه سعى لتخفيف شرورها، العبودية ليست جزءًا من عقيدة الإسلام، وقد تم التعامل معها باعتبارها شرًا ضروريًا لابد منه من قبل محمد كما هو الحال من قبل مع موسى والقديس بولس، كانت العبودية في أيدي المسلمين مؤسسة معتدلة للغاية، أخف بكثير من عبودية الزنوج في الولايات المتحدة. 
محمد مثل موسى لم يحرم العبودية كان ذلك مستحيلاً لكنه سعى لتخفيف شرورها، العبودية ليست جزءًا من عقيدة الإسلام، وقد تم التعامل معها باعتبارها شرًا ضروريًا لابد منه من قبل محمد كما هو الحال من قبل مع موسى والقديس بولس، كانت العبودية في أيدي المسلمين مؤسسة معتدلة للغاية، أخف بكثير من عبودية الزنوج في الولايات المتحدة
 ففكرة إلغاء الرق في القرن السابع فكرة مستحيلة وغير عملية هي ناتجة عن العاطفة بينما هذا المتعاطف لو كان الخليفة لن تجده يقبل بتزويج أحد العبيد لابنته أو اخته بينما المسلمون ومن هو يقوم بانتقادهم كانوا يفعلون، وكما استعرضنا حال العبودية في الإسلام لا يمكن تسميتها حتى بالعبودية.

شبهات متعلقة بالرق

وهن سلسلة شبهة الرق مثل لا يقتل حراً بعبد مع شبهة جواز تزوج السيد من امرأة عبده ردها من هنــــا
وشبهة العبد الهارب ولما كفره النبي صل الله عليه وسلم من هنا

اذا وصلت إلى هنا فأسأل الله لنا ولك الثبات على نعمة دينه بقية ما سنطرحه سنكمله في كتابنا القادم إن شاء الله




الاسمبريد إلكترونيرسالة