السفير
29/03/2013 العدد: 12442
الأرشيف
صوت وصورة
قضايا وأراء
كتّاب السفير
رسم
الصفحة الأخيرة
هذا الأسبوع
زاوية القارىء
مبوب ووفيات
English
29/03/2013
سـلاح «المعابـر الحدوديـة» في الصـراع السـوري
طارق العبد

دمشق ـ طارق العبد
مثل كل شيء في سوريا، أصبحت المعابر الحدودية مقسمة بين النظام والمعارضة المسلحة. وللقادم أو المغادر للبلاد، الحرية في اختيار الممر الذي يشاء للعبور، وبالطبع سيختلف الختم على جواز السفر من منطقة لأخرى ويختلف معه تعاطي البلد المجاور مع الختم الجديد، وهذا، على سبيل المثال، ما حصل قبل ايام مع توقيف مراسل احد القنوات التلفزيونية في مطار بيروت بسبب ختم «الجيش الحر» على جواز سفره.
وبينما قررت الأردن إغلاق حدودها إثر تقدم المعارك، وفي وقت تردد العراق بين فتح المعابر أو إغلاقها، يبقى التركيز الأكبر على جبهة الجولان وحديث الإسرائيليين عن منطقة عازلة تقضم جزءاً من المناطق السورية، ومعه يزداد الحديث عن تدفق السلاح والمقاتلين إلى الداخل السوري.
وبنظرة عامة على المعابر الحدودية بين سوريا ودول الجوار، يبدو المعبر الرسمي مع الأردن، وهو في بلدة نصيب، أنه ما زال تحت سيطرة السلطة برغم اشتداد المعارك بالقرب منه، الأمر ذاته ينسحب على معبر الجمارك الذي تقابله في الجانب الأردني بلدة الرمثا.
ويسلك النازحون غالباً طرقاً فرعية بين الأودية، فيما تختار المعارضة المسلحة طرقاً أخرى لاستلام السلاح عبر البوابة الأردنية، وهو الحال نفسه الذي ينطبق على الحدود اللبنانية، حيث ما زالت معابر الدبوسية (طرطوس) ـ العريضة (حمص) ـ جديدة يابوس (ريف دمشق) تحت سيطرة القوات السورية. ويشهد الأخير ازدحاماً شديداً وبشكل يومي، على اعتبار أن الطريق إليه من دمشق ما زال إلى حدّ ما آمناً، من دون أن يعني ذلك أن الطرق الفرعية هي تحت سيطرة النظام. ويستمر تدفق السلاح والمقاتلين من بوابة سهل البقاع وصولاً إلى الشمال في طرابلس والطرق المؤدية إلى حمص.
ويختلف المشهد كلياً في الشمال السوري حيث يسيطر المعارضون على جميع المعابر مع الجانب التركي، باستثناء ممر كسب في اللاذقية.
ويغض حكام أنقرة النظر عن سيطرة المعارضة التي بدّلت كل ما يتعلق بالنظام في هذه المناطق، بما في ذلك ختم المغادرة والدخول على جواز السفر. وهو يعني إمكانية الدخول لبلدان تعترف بـ«الائتلاف» و«الجيش الحر»، وعدم إمكانية ذلك لدول أخرى. ولعل السيطرة على الطرق والمعابر في الشمال كان عاملاً أساسيا في دخول المقاتلين الأجانب بأعداد أكبر مع تدفق الأسلحة الثقيلة والخفيفة، كما دخول شخصيات من المعارضة السياسية ليس آخرهم رئيس الحكومة المؤقتة غسان هيتو وقبله رئيس «الائتلاف» أحمد معاذ الخطيب.
ويبقى الجانب العراقي متحكماً في المعابر في البوكمال والتنف واليعربية، مع العلم أن الأخير يشهد معارك مستمرة بين القوات النظامية ومقاتلي المعارضة في محافظة الحسكة. وكانت السلطات العراقية قرّرت إغلاق مركز البوكمال إثر إعلان المعارضة استيلاءها على المناطق المجاورة، فيما يسيطر النظام على معبر التنف، جنوبي شرقي البلاد. في هذه الأثناء، يستمر تدفق اللاجئين إلى كردستان العراق عبر المناطق الشمالية الشرقية من سوريا، من دون أي تقارير تتحدث عن وصول السلاح إلى تلك المناطق.
وتكتسب الممرات الحدودية أهمية بالغة في الصراع بين النظام والمعارضة لجهتين، الأولى هي توطيد السيطرة في المناطق المجاورة وبالتالي التمهيد لسلطة المعارضة وخاصة في الشمال من إدلب إلى الحسكة ما يعني تأمين الطرق التي توصل السلاح والمعدات العسكرية، كما دخول وخروج الأهالي والناشطين بسهولة، وتأمين عملية الاستيراد والتصدير للموارد الطبيعية والصناعات إلى المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة وللخارج، وهو ما حصل بالفعل في ريف حلب وإدلب والرقة. أما الثانية فهي قطع أي طريق قد يصل من خلاله الدعم العسكري للنظام، وخاصة عبر العراق ولبنان وفقاً لحديث قادة الجيش الحر المتكرر عبر الإعلام. وهو السبب ذاته الذي يدفع الجيش النظامي للسيطرة على الحدود وتشديد قبضته وقصف مواقع تمركز الكتائب في تلك المناطق. ولعلّ هذا ما كان لافتاً في برنامج الحكومة لحل الأزمة، حين شددت على إيجاد آلية لضبط الحدود مع الدول المجاورة. وتبقى هذه السيطرة محدودة بعاملين هما استمرار سلطة النظام على الأجواء وبالتالي استهداف هذه المناطق بالقصف الجوي والثاني هو تعاطي الدولة المجاورة مع المعارضة.
وفي الوقت الذي تغض فيه حكومة أنقرة النظر عن «الجيش الحر»، لا تعترف كل من السلطة اللبنانية والعراقية به، وعليه سيعتبر ختم «الجيش الحر» على جوازات السفر بمثابة دخول غير مشروع، أما الأردن فيشكل الأمر حرجاً واسعاً له على اعتبار أنه ما يزال يقيم علاقات دبلوماسية مع دمشق ويسعى لمنع انتقال التوتر إلى أراضيه.
ما سبق فرض على المعارضة التركيز على الجانب التركي لإيصال الدعم العسكري حتى للمناطق البعيدة، إذ يسلك المقاتلون لإيصال الدعم لدير الزور مثلاً طريق تل أبيض في شمال الرقة رغم أن الممر الحدودي مع العراق أقرب بكثير.
وقد بدأت المعارضة المسلحة تفصل بين الممرات الحدودية بحيث تترك المعابر الرسمية لمرور الأفراد والبضائع، وتأخذ لأجل تمرير السلاح طرقاً فرعية يتم تأمينها بالتعاون مع المناطق المحاذية للشريط الحدودي. وهكذا يتكرس الانقسام بين المناطق السورية مع مناطق حدودية للنظام وأخرى للمعارضة، ومعهما تزداد الصورة قتامة مع اعتبار كل طرف الآخر هدفاً للسيطرة والنيران المستمرة.





على الموقع
الأكثر قراءة



جريدة-e

حالة الطقس