يفاجئنا مَنْ مِنَ المفترض أن يكون رئيساً للمعارضة السورية، بتصريحات يومية عجيبة لدرجة الإيحاء بأن الرجل إما أحمق وإما أحمق!! صحيح أنه خطيب مسجد ولا علاقة له بالسياسة لكن كان واجباً على من عينه وسلمه رئاسة ما يسمى المعارضة أن يشرح له بديهيات العمل السياسي والفارق بين آل ثاني والإدارة الأميركية على سبيل المثال أو الفارق بين المناطق العازلة وآلية عمل بطاريات الباتريوت، وكذلك قوة ونفوذ روسيا ودور إيران وموقع لبنان والعديد من المسائل البديهية التي يجب على أي إنسان يريد البدء بالعمل السياسي أن يتعلمها.
وكان على الخطيب أن يدرك على سبيل المثال لا الحصر أنه لو كانت قوات الناتو أو القوات الأميركية أو غيرها قادرة على شن عدوان على سورية لفعلت منذ زمن بعيد وهما ليسا بانتظار طلب أو رجاء منه ومن الائتلاف الذي يمثله.
وكان بإمكان الخطيب أن يعود إلى زمن قريب حيث سبق لمموليه من آل ثاني أن حاولوا ودفعوا المليارات وجالوا في كل أرجاء العالم من أجل حصول هذا العدوان حتى قبل أن يتعرفوا على الخطيب وقبل تأسيس الائتلاف وأخفقوا في جميع محاولاتهم.
وعلى الخطيب أو ما يسمى زعيم المعارضة، ألا يفاجأ برد الناتو وواشنطن على الطلب الذي أفصح عنه في كلمته أمام قمة الدوحة بنشر بطاريات الباتريوت لحماية المناطق التي يدعي أن المعارضة المسلحة تسيطر عليها، لأن بمفاجأته ودهشته التي عبر عنها أمس بدا وكأنه أكثر إنسان حمقاً على الكرة الأرضية وهذا ما لا نرضاه لأي سوري يجب أن يكون قد تعلم ألف باء السياسة منذ نعومة أظافره كسائر السوريين في الداخل والخارج.
أما النقطة الثانية والمهمة جداً فهي أن بطاريات الباتريوت هدفها تدمير الصواريخ الباليستية بعيدة المدى التي يمكن أن تحلق في أجواء تركيا والهدف منها والكلام هنا موجه للسيد الخطيب، هي استكمال الدرع الصاروخية الذي زرعته واشنطن في الأراضي التركية للحماية من الصواريخ الإيرانية والروسية، وهذه البطاريات ستكون عاجزة عن صد هجوم صاروخي سوري يمكن أن يمطر تركيا إذ يتعثر على هذه المنظومة التقاط عدد كبير من الصواريخ تنطلق في الوقت ذاته وهي في جميع الحالات غير مخصصة لحماية مناطق على الأرض (أو ما يسميها الخطيب بالمناطق المحررة التي لا يعرف أي سوري حتى الآن أين تقع) وينحصر عملها في الجو وتجاه صواريخ يمكن رصدها فقط، وربما من الضروري لفت انتباه الخطيب إلى أن الباتريوت يختلف عن الدفاعات الأرضية وعن الصواريخ الأرض جو، فالباتريوت غير قادر على إسقاط طائرات وكان من الأفضل للخطيب أن يستعين بخبراء عسكريين قبل أن يطل على شاشات التلفزة ليطالب بما طالب به، وكان عليه قراءة بضع صحف عربية وعالمية ليكتشف أن ما من دولة في العالم قادرة على شن عدوان على بلده سورية وتدمره ولذلك أسباب عدة لن نشرحها الآن لكن بإمكان الخطيب إن أراد أن يقرأ قليلاً عن قدرات سورية العسكرية ليفهم ماذا نعني.
أما بخصوص المطالبة بمقعد سورية في الأمم المتحدة فعلى الخطيب قبل أن يفاجأ ويندهش أن يعلم أنه من الممكن لحكام مشيخة قطر أن يشتروا له مقعد سورية في جامعة الدول العربية لكنهم بكل تأكيد غير قادرين على شراء مقعد سورية في الأمم المتحدة التي تحكمها أنظمة وقوانين لا يمكن اختراقها كما حصل في جامعة المستعربين إذ إن هناك دولاً في العالم وهي كثيرة، لا تباع ولا تشترى وعلى الخطيب أن يخرج عن فلسفة راعيه وسيده حمد بن جاسم الذي يعتقد أن كل شي في العالم له سعر ليعرف أن ابن جاسم نفسه وعلى الرغم من كل ما قدمه من وعود وإغراءات مالية لم يتمكن من شراء أصوات مجلس الأمن لشن عدوان على سورية وتدميرها وقتل شعبها، وكذلك الأمر بالنسبة للسفارات السورية في الخارج التي تحكمها اتفاقيات دولية ولن يكون بمقدور آل ثاني أن يشتروا سفارات سورية في العديد من الدول التي لا تزال تتمتع باستقلالية قرارها وترفض الخضوع للضغوط المالية أو السياسية التي قد تمارسها دول تطلق على نفسها لقب «العظمى» لاختراق القانون الدولي والاتفاقيات.
ونضيف ونقول للخطيب إنه لا يكفي أن تتحدث عن الإرهاب وتنتقد من يرسل الإرهابيين ويمولهم ومن ثم تجلس في أحضان الدول التي تنتقدها وهي من تمول الإرهاب وترسل الإرهابيين وتسلحهم!! ففي ذلك أيضاً مثال فاضح للحماقة وهنا لا نتحدث عن السوريين الذين تورطوا في أعمال إرهابية بل عن المرتزقة الأجانب الذين أشرت إليهم في كلمة من كلماتك.
في الحديث ذاته قد يكون من حق السوريين أن يعرفوا ما التفسير الذي تراه أنت مناسباً لكلمة الاستقالة!! إذ لأول مرة نسمع عن مستقيل لا يزال على رأس عمله! وعن مستقيل يصرح بأنه استقال لكنه باق في منصبه!! فالرجاء توضيح هذا الموقف لأننا لا نريد لأي كان أن يعتقد انك مصاب بمرض انفصام الشخصية!!.
وأخيراً ننصح الخطيب أن يبعد نفسه عن تجربة آل ثاني مع القضية الليبية، فهذه سورية وربما حان الوقت ليتعلم ماذا يعني صمودها وصمود شعبها وتضحياته من أجل الدفاع عن كامل ترابها المقدس.
وإذا كان الخطيب حريصاً فعلاً على بلده ويمثل كما يدعي، جزءاً من الشعب السوري، فكان حرياً عليه استغلال المنبر والمقعد الذي جلس عليه، ولم يكن ليحلم به دون أموال ووقاحة آل ثاني، ليثبت وطنيته وانتماءه ليعلن أنه متوجه إلى دمشق ليسمع من السوريين وليس سواهم، ما يريدونه من مستقبل لبلدهم عبر حوار غير مشروط، يدرك الخطيب أن لا حل دونه.