واصل رئيس ائتلاف الدوحة أحمد معاذ الخطيب ترويجه لمبادرات وخطوات حوارية مع النظام على الرغم من أنها لا تحظى بأدنى تأييد بين قطاعات واسعة من ائتلافه، وأضاف إليها أمس أحدث مبادرة في هذا الصدد وتتضمن إعطاء الرئيس بشار الأسد صلاحيات كاملة لحكومة مؤقتة بغرض إعادة هيكلة البلاد، مع تنحيه.
ونقلت وكالة الأناضول التركية للأنباء عن الخطيب الموجود في مدينة اسطنبول قوله إن الائتلاف لن يجري شيئاً «إلا تحت ضوء الشمس» نافياً ما تردد عن كون مبادرته، التي اشترط فيها إطلاق سراح 160 ألف معتقل وتجديد جوازات السفر للمعارضين في الخارج للحوار مع الحكومة، «تمتّ بناء على اتفاق سابق أو لاحق مع النظام»، واعتبر أن «السلطة.. إذا كانت تبحث عن هموم الشعب ومعاناته ومطالبه، فيمكن بالاتفاق مع بقية أعضاء الائتلاف، أن يكون هناك تفاوض سلمي، من أجل رحيل النظام وترتيب ذلك» متجاهلاً أن ما أوصل البلاد إلى ما هي عليه اليوم هو تعنت المعارضة ورفضها الحوار الذي طرحته السلطات السورية منذ بداية الأزمة واستقوائها بالخارج، ودعمها للمجموعات المسلحة.
وزعم أن الائتلاف لا يسعى من أجل السلطة أو مناصب معينة، وإنما يبحث عن كيفية إخراج الشعب من محنته، معتبراً أن فكرة المبادرة هي إنسانية محضة بسبب معاناة الشعب الشديدة.
وعن مسار التفاوض وما يسمى «الثورة» ادعى الخطيب أن «النظام ماطل و«احتال» من أجل امتصاص المبادرة وتفريغها كعادته»، واعتبر أن «المطلوب كان بسيطاً جداً وهو إطلاق سراح المعتقلين وفي مقدمتهم النساء، كاشفاً أن المسارين سيبقيان مع بعضهما»، مشيراً إلى أن الهيئة السياسية للائتلاف التي اجتمعت يوم الخميس الماضي «وجدت أن أي حل يساهم في رحيل النظام بشكل تفاوضي يحقن دماء المواطنين، ويمنع مزيداً من الخراب في البلاد، فلا مانع بذلك ضمن هذه المحددات، وبنفس الوقت تستمر الثورة ولا تتوقف بسبب المسار الأول»، مضيفاً: إن «المجتمع الدولي يميل إلى قبول هذا الموضوع بأن يستمر المساران مع بعضهما البعض»، وفقاً لما قال.
وبين أنه إذا أراد النظام المضي قدماً مع المبادرة «فليمنح حرية للشعب ويقيم حكومة مؤقتة يعطيها صلاحيات كاملة تبدأ بإعادة هيكلة الأجهزة الأمنية.. وتكون مفتاحاً للحل تحت رعاية وضمانة دولية، على حد تعبيره.
وشرح الخطيب مفهومه للعملية الانتقالية التي اعتبر أنها تؤدي إلى رحيل الرئيس الأسد، وقال «لا يوجد خلاف على أن رحيل الرئيس الأسد هو مطلوب، ولكن طريقة الرحيل بحاجة إلى ترتيب، ولا تتم بليلة وضحاها، والبعض من المعارضة يعتقد أن مجرد ذكر هذه الكلمة يكفي لإنجاز حل سياسي، لكن هذه جزء من عملية سياسية تؤدي إلى انتقال سلمي للسلطة، توفر الدماء والخراب على الشعب، وتساءل «هل النظام مستعد للدخول في عملية تفاوضية توفر مزيداً من القتل والدماء أم لا؟» متجاهلاً طرح القيادة السورية للبرنامج السياسي لحل الأزمة.
وانتقد الخطيب المجتمع الدولي، لأنه لا يعطي لما يجري في سورية العناية الكافية، وذلك لأسباب مختلفة، بل يترك الأمر لمدة زمنية غير محددة، ويحاول التعويض عن الاهتمام بالأزمة، بالتركيز على المساعدات الإنسانية، وهناك دول تقدم المساعدات لحفظ ماء الوجه ومن باب رفع العتب.
واعتبر أن الدول تتلاعب بالقضية السورية، ولا تضعها في جدول أولوياتها ما انعكس على مجريات الأزمة خلال سنتين، ورأى أنه «إذا لم يتعاون الجميع من أجل حل الأزمة ووضع الأمور في نصابها، فربما تطول أكثر»، مشيراً إلى أن هذا الوضع دفعه إلى طرح مبادرته من أجل تحريك الساحة وإشعار المجتمع الدولي بتقصيره الشديد، وشدد على أن الائتلاف ينتظر ردود فعل المجتمع الدولي التي لم تتبلور بعد.
ونوه الخطيب بالقيادة التركية التي اعتبر أنها «تمتلك بعد نظر إستراتيجي»، من خلال موقفها من محاولة توريطها بتدخل عسكري في سورية، الأمر الذي كان سيفتح الأبواب لتدخل إيران ودول الخليج، وشدد على أن بعد النظر في تركيا، أنقذ المنطقة من الوقوع في براثن الصراع، مشيراً إلى وجود ما سماها «قوى ماكرة كانت تريد إحراق المنطقة وإبقاء العالم الإسلامي بكل مكوناته، مثل الصحراء عشرات السنين»، وخلص إلى القول إن «تركيا لا تزال تمثل عنصر استقرار في المنطقة».
وبشأن الائتلاف، لفت الخطيب إلى وجود محاولات لتطويره بالتنسيق مع بقية أطياف المعارضة، مؤكداً أن تشكيل الائتلاف يجب أن يتسع لكل المكونات، حيث هناك 71 عضواً يشكلون شريحة كبيرة من المعارضة، وهناك مجموعات أخرى تدرس طلبات انضمامهم للائتلاف من لجنة قبول العضوية، نافياً أن يمثل الائتلاف برلماناً للمعارضة، وإنما هو جسم ثوري لإنقاذ البلاد، على حد تعبيره.