قال الناطق باسم الخارجية الروسية ألكسندر لوكاشيفيتش: إن «لدى روسيا مبادرات مهمة تتعلق بالمنطقة سيكشف عنها في وقت لاحق» من دون إضافة أي تفاصيل.
وفي مقابلة خاصة مع قناة «الميادين» من موسكو رأى لوكاشيفيتش أن «امتعاض الشركاء الغربيين من مشاركة إيران في تفاهمات جنيف أعاق ترجمتها فعلياً في سورية» معتبراً أن «تجاهل دول إقليمية مثل إيران في الأزمة السورية مغالطة ووهم».
وجدّد المسؤول الروسي موقف بلاده من الأزمة السورية ودعوتها إلى أن يحلّ السوريون مشاكلهم بأنفسهم مؤكداً أن «روسيا من أنصار الحلول التوافقية».
النهج الأميركي ولهجة النقاش في مجلس الأمن تغيرا
من جهته، قال المندوب الروسي الدائم في الأمم المتحدة فيتالي تشوركين في حوار مع قناة «روسيا اليوم»: إن المواقف الروسية والأميركية تجاه الأزمة السورية تقاربت «لدرجة ما» معتبراً أن الولايات المتحدة «بدأت بإدراك خطورة الموقف، والآن تفهم أن الأمور السورية ليست بتلك البساطة كما تهيأ لها سابقاً» موضحاً أن لهجة النقاش حول المسألة السورية في مجلس الأمن وأثناء المشاورات الخاصة «تغيرت».
وقال تشوركين: من المحتمل أن الولايات المتحدة بدأت تدرك قبل غيرها من حلفائنا الغربيين أن الأحداث تأخذ منعطفاً خطيراً، بعد أن اتضح أن السيناريو الأصلي، أي الإطاحة بالقيادة السورية وانتصار الديمقراطية خلال شهرين، غير واقعي وبعيد عن الوضع الحقيقي في البلاد».
وأشار تشوركين إلى تغير في نهج الولايات المتحدة الأميركية تجاه الأزمة السورية «ونرى ذلك من خلال المناقشات غير الرسمية في مجلس الأمن ومن خلال اللقاءات مع السيد الأخضر الإبراهيمي المبعوث الخاص للأمم المتحدة والجامعة العربية التي تجري في إطار الجلسات الثلاثية الذي اقترحه. (التي تضمه إلى جانب مسؤولين روس وأميركان)... ومن دون شك هناك شعور بأن الأميركيين تقاربوا من موقفنا في تقديرهم الموقف السوري كثيراً من ناحية تفهم مدى تعقيد الأحداث الجارية هناك. لهذا السبب بالذات من المهم مواصلة الحوار في هذا المنحى».
الترويج للكيماوي يثير حذرنا
وأشار تشوركين إلى مسألة «تثير حذر» بلاده وهي «الترويج لموضوع السلاح الكيميائي السوري بشكل مستمر... بالطبع أن هذه المسألة جدية جداً ونحن ناقشناها مع الحكومة السورية أكثر من مرة، وقد أكدت السلطات السورية لنا أنه لن يستخدم أحد الأسلحة الكيميائية حتى في حال وجودها».
وقال تشوركين: أحياناً يتشكل الانطباع بأنه يتم البحث عن ذريعة للقيام بالتدخل العسكري. إضافة إلى ذلك من الممكن أن تحرض مثل هذه العبارات الفارغة المعارضة على القيام بأفعال خطرة حيث من الممكن أن تحاول هذه المجموعات إحداث استفزاز متعلق باستخدام الأسلحة الكيميائية، مثلا الاستيلاء على مستودعات الأسلحة الكيميائية أو تنظيم عمل تخريبي باستخدام (هذا) السلاح في الأراضي السورية ما سيحرض على التدخل العسكري الخارجي، وحذر من أن «هذا الوضع بالغ الخطورة».
نحن الوحيدون
الذين نعمل على تنفيذ اتفاق جنيف
وحول صيغة التدخل الدولي في سورية الذي يمكن أن تدعمه روسيا قال تشوركين: الصيغة الدبلوماسية بالإضافة إلى الصيغة الإنسانية وتأتي مساعدات إنسانية إلى سورية.
كما أعرب عن أسفه لأن روسيا «تبقى عملياً الدولة الوحيدة التي تتخذ خطوات لتحقيق ما جاء» في اتفاق جنيف.
وأضاف: الآن يعترف شركاؤنا بأن هذا الاتفاق «هو الوثيقة المعقولة الوحيدة حقاً بمعنى أنها نقطة الانطلاق التي يمكن أن تعمل واقعياً على إجراء الحوار السياسي بين الحكومة والمعارضة».
وقال: أظن أنهم (الغربيون) سابقاً تمسكوا بشدة بفكرة إسقاط النظام كما لم تكن المعارضة جاهزة لخوض الحوار مع الحكومة. لقد وقع شركاؤنا الغربيون في خطأ وأعطوا إشارة سلبية عندما اعترفوا بالائتلاف الوطني لقوى المعارضة والثورة في سورية والذي تم تشكيله مؤخراً في الدوحة.. واعترفت الدول الغربية به رغم أن القاعدة الأساسية لتوحيد المعارضة كانت رفضها خوض المفاوضات مع الحكومة ورغبتها في هدم مؤسسات الدولة.
على المجتمع الدولي التشجيع على الحوار
وأشار تشوركين إلى حدوث «تغيرات بإمكانها إحداث تأثير إيجابي جاد» مستشهداً على ذلك بتصريحات رئيس ائتلاف الدوحة أحمد معاذ الخطيب الذي «أحدث صدى داوياً جاء فيه أنه مستعد لبدء الحوار مع الحكومة».
ولفت المندوب الروسي الدائم في الأمم المتحدة إلى أن «مهمة المجتمع الدولي تتلخص في تشجيع مثل هذه التصريحات. كما لا يجوز لنا أن ننسى أنه تم الإدلاء بهذا التصريح بعد خطاب (الرئيس) بشار الأسد (الذي دعا فيه) المعارضة إلى الحوار بشكل واضح».
وأهاب تشوركين بالمجتمع الدولي كي «يدفع الطرفين إلى الحوار وأن يمسك برؤوس الخيوط التي يمدها الطرفان وأن يحاول ربطها مع بعضها البعض».
وقال تشوركين: في البداية نظرنا بارتياب إلى هذا الائتلاف... إنه يواجه مشكلات كثيرة وتنقصه الوحدة وله تناقضات مع مجموعات أخرى من المعارضة... ولكنه موجود وعلينا أن نتعامل مع ظهوره كأمر واقع».
في هذه الأثناء، وصل إلى الجزائر أمس وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف في زيارة ليوم واحد لإجراء مباحثات حول أزمة مالي وتطورات الوضع في المنطقة العربية وخاصة الملف السوري.
وقال بيان للخارجية الجزائرية إن لافروف «سيقوم بزيارة عمل إلى الجزائر بدعوة من وزير الشؤون الخارجية السيد مراد مدلسي» موضحاً أن المباحثات ستتناول «دراسة سبل وإمكانيات تعزيز التعاون الثنائي في جميع المجالات ذات الاهتمام المشترك وكذا حول تبادل وجهات النظر بخصوص السياسات الإقليمية والدولية ولاسيما آخر التطورات التي يعرفها الشرق الأوسط ومنطقة الساحل».
وجاءت زيارة لافروف غداة زيارة قصيرة قام بها المبعوث الأممي إلى سورية الأخضر الإبراهيمي الخميس الماضي إلى الجزائر التقى خلالها الرئيس عبد العزيز بوتفليقة والذي قال إنه قدم له «عرضاً عن الوضع في سورية وما حصل فيها من تطورات».
من جهتها أكدت الخارجية الروسية في بيان عشية الزيارة أن مباحثات لافروف في الجزائر «ستتركز على قضايا مكافحة الإرهاب» وأضافت: إن «هذه القضايا اكتسبت أهمية خاصة على ضوء الأحداث المأساوية التي شهدتها الجزائر أثناء احتجاز مسلحي تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي مئات الرهائن من الجزائريين والأجانب في مجمع للغاز جنوب شرق البلاد».