التقرير الاقتصادي للإسكوا: الدردري يبشر بالبطالة والليالي السود.. وبالناتج المتدني ويقول إن الأزمة أفقدت الاقتصاد السوري قوة العمل ما أدى إلى ارتفاع نسبة البطالة إلى نحو37.3٪
وإذا استمرت الأزمة إلى عام 2015 فمن المتوقع أن يصل معدل البطالة إلى 58.1٪، وتالياً ستكون النتائج خطيرة جداً، هذا في حال لم نأخذ في الحسبان الضرر الكبير الذي لحق بالبنى التحتية.
وإنه في حال انتهت الأزمة اليوم، ما زلنا نستطيع أن نرمم ما دمّر (والرجوع إلى الخطط السابقة من النمو والتنمية)، مع زيادة في الديون الخارجية تصل إلى 15٪ من إجمالي الناتج المحلي، وزيادة 15٪ في عجز الميزانية، وهما رقمان مقبولان.
جاء في التقرير الاقتصادي السنوي للأمم المتحدة تحت عنوان «الحالة والتوقعات الاقتصادية في العالم في عام 2013» أن الصراع في سورية، ستكون نتائجه كارثية» مشيراً إلى خسارة سورية في العامين المنصرمين 35% من إجمالي الناتج المحلي، أي ما يعادل 18٪ سنويا».
هكذا فإن العقوبات الاقتصادية على سورية أثرت سلبياً في الاقتصاد السوري حيث تسبب الحظر النفطي في خسارة عائدات الصادرات بما يقارب 4 مليارات دولار، ما أدى إلى انخفاض في الإيرادات الحكومية بنحو 25% في عام 2012.
نقول للسيد عبد اللـه الدردري: إن التجارب علمتنا الكثير وبالأخص تجاربنا مع منظمات الأمم المتحدة، وتجاربنا معك شخصياً التي خلقت البنى التحتية لما يحصل اليوم في سورية، وأن العودة لخططك السابقة كما تنصح نقول لك خططك أخلّت بتوازن النمو وأن نسب البطالة التي حققتها خططك أيام الرخاء ليست أفضل من نسب اليوم التي تعلنها وإلغاء خططك للطبقة الوسطى مشهود لها وبالتالي تشجيعك لاستثمارات ربحية غير مجدية لا تزال قائمة على أرض الواقع. ولا بد هنا أن نشير إلى أن سبب إخفاق الإصلاح الاقتصادي والإداري في سورية هو اعتمادنا على عناوين أكاديمية ليس لها أي تاريخ بالعمل الاقتصادي والمالي والنقدي فتاريخها انحصر في أوراق تليت على منابر الجامعات لذلك افتقرت إلى الخبرات التي من شأنها أن تمكنها من القيام بعملية الإصلاح الاقتصادي والإداري ومن يحاول رمي الكرة بغير هذا الملعب فهو إنما يتهرب من المسؤولية ويتهرب من وضع النقاط على الحروف بشكل صحيح فمن يعتد بفكر اقتصادي يستند إلى شهادة علمية عالية عليه أن يكون قادراً على التأثير في المحيط لا أن يرضخ لتأثيرات ذلك المحيط على اعتبار أنه يقوم بعملية الإصلاح وهو المعني لا غيره من الجهات. هذا من ناحية ومن ناحية أخرى لا يمكن لفكر اقتصادي أن يضع حلولاً ويقوم بإصلاحات ما لم تكن لديه خبرة في تاريخ مكونات الاقتصاد السوري والمراحل التي مر بها. لذلك بالتأكيد لن نتوجه لطلب وضع استراتيجية للاقتصاد السوري لما بعد الأزمة من أصحاب العناوين الأكاديمية العريضة حيث نعتقد أن تجربتنا معهم كانت لها تداعياتها التي لعبت دوراً كبيراً ومساعداً للمؤامرة الكونية على سورية. لا بل كانت سبباً في خلق البنية التحتية لهذه الأزمة والتي استفادت منها الدول التي تلهث جاهدة لإسقاط سورية. ومن يريد الدفاع عن ذلك فنحن مستعدون لإجراء حوار علني على أي قناة تلفزيونية سورية. منذ عام 2001 ونحن نعتمد في إدارة الاقتصاد على العناوين الأكاديمية التي تعاملت مع الأزمات الاقتصادية باعتبارها حالات طارئة رغم محاولتها بعدم الاعتراف بها بأنها أزمة. لذلك اقتصرت معالجاتهم على إجراءات طوارئ، عبر آليات مالية ونقدية لا ترقى لغير الحلول القصيرة الأمد، آليات كهذه لا يتوقع منها أن تغير من واقع البنية الاقتصادية، أو قواعد توزيع الدخل والثروة في المجتمع أو تحسين مستويات معيشة ملايين الناس، ما خلق بنية جاهزة لاستغلال فقرها وعوزها واستخدامها كوقود لتنفيذ خطط تدمير سورية وشعبها.
بالتأكيد لن نعتمد عليكم فتجربتنا معكم كانت مؤلمة لابتعادكم عن الواقع وانشغالكم بتنظيرات أنهكت الاقتصاد والمجتمع. فلم تتمكنوا من تجسيد ما يتطلبه الواقع من الحكومات لانتهاج سياسات اقتصادية طويلة الأمد، تعتمد خطط استثمار رؤوس أموال حكومية جديدة، وأخرى خاصة بتوجيه حكومي لحشد المزيد من الموارد الاقتصادية والبشرية لإعادة بناء وتطوير البنية الاقتصادية.
نعتقد أنه من المهم جداً البدء وفوراً بإطلاق نقاش مع الخبرات الاقتصادية والنقدية والمالية وطلاب الجامعات من أجل وضع استراتيجية للاقتصاد السوري لما بعد الأزمة. بحيث تستطيع استخدام نتائج تداعيات الأزمة ومخلفاتها بما يخدم تلك الاستراتيجية. إضافة إلى استثمار نقاط القوة التي يملكها الاقتصاد السوري وهي متعددة بشرياً وجغرافياً، وتدعيم نقاط الضعف بما يمكن تحويلها أو استثمارها كنقاط قوة. بالتأكيد التوجه سيكون بالاعتماد على الذات وإحياء عملية الاكتفاء الذاتي بشكل واقعي ومتناغم مع البيئة الاجتماعية.
نحن نعلم أن وضع مثل هذه الاستراتيجية يلزمه حصر ما خلفته الأزمة من أضرار اقتصادية واجتماعية، ونحن منذ زمن نفتقر لمؤشرات حقيقية عن واقع الاقتصاد السوري وواقع الموارد البشرية فلم تسلم حكومة لحكومة تخلفها أي مؤشرات عن الأوضاع الشاملة للدولة السورية. ما أدى إلى خلق جو مبهم انعكس سلباً على الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية. ولغاية اليوم فالوزارات إلى الآن لم تعلن عن قوائم بيانات رقمية تحصر الخسائر الناتجة عن الأزمة فالوزراء بالحكومة اليوم يبحثون عن اتجاهات ويقومون بإطلاق وعود هي أكثر من سخيفة لعدم مقاربتها مع الواقع. إلى الآن لم يصدر عن وزير في الحكومة عرض شامل لوضع القطاع الذي تعنى به تلك الوزارة وإرفاقه باقتراح للتعويض أو حل له يطرح للنقاش للوصول إلى صيغه يمكن اعتمادها بعد الأزمة كي لا نعيش حالة تخبط يكون لها تداعيات أخطر بكثير من تداعيات الأزمة ونتائجها.
وللحديث تتمه...