ألقت الأزمة الراهنة بظلالها على مختلف الفعاليات الاقتصادية التجارية والصناعية وظهر أثرها من خلال تراجع قدرة الشركات والمعامل والمصانع على سداد الأقساط المستحقة عليها مقابل القروض والتسهيلات الحاصلة عليها من المصارف مما رفع نسبة مخاطر السداد والتحصيل لدى هذه المصارف هذا ما كشفه الخبير المالي والمصرفي فادي الجليلاتي لـ«الوطن» وقال: «رغم ارتفاع مخاطر السداد إلا أن القطاع المصرفي يمتلك بالمقابل الضمانات التي تخفف من أثر هذا النوع من المخاطر ويعطيها ذلك بالتالي القدرة على مواجهتها بما فيها تكوينها لمخصصات كافية لمواجهة الديون المتعثرة».
وبيّن الجليلاتي أن هذه المخصصات شكّلت ضامناً للمصارف لجهة عدم تأثر مراكزها المالية في مواجهة أي ديون مشكوك بتحصيلها مع محافظتها بالطبع وعلى التوازي على نسب سيولة مرتفعة لمواجهة أي سحوبات من قبل المودعين حيث إن معظم المصارف حافظت على نسبة سيولة أعلى مما حددته تعليمات المركزي فاستطاع القطاع المصرفي بالتالي من تقليل مخاطر السداد إلى حدود مقبولة.
وكشف الجليلاتي أنه يجري حالياً جدولة القروض الممنوحة للفعاليات الاقتصادية من خلال تحديد شروط ميسرة للسداد وبمدد أطول، بالتناغم مع القرار الذي أصدره مجلس النقد والتسليف القرار رقم 902 والمتعلق بتعديل بعض بنود قراره السابق رقم (597/م ن/ب4) وتعديلاته لجهة إعادة النظر ببعض مؤشرات تصنيف الديون وتكوين المخصصات والاحتياطيات حيث أعطى القرار مهلة إضافية للمقترضين لإمكانية السداد وبما يضمن عدم تصنيف الدين حتى مرور 180 يوم.
وأوضح الجليلاتي أن التطبيق العملي لقرار مجلس النقد والتسليف سمح بعدم أخذ مخصصات لمجموعة مهمّة من الديون وبالتالي ساهم في عدم خلق أعباء إضافية سواء على المصارف لمواجهة هذه الديون أو على المقترضين من جهة تصنيف دينهم.
ويأمل الجليلاتي أن تعاود الفعاليات الاقتصادية في القريب العاجل عملها بشكل كامل ولاسيما في ضوء موافقة الحكومة على حلول ومقترحات بديلة للمستثمرين تتناسب مع الظروف الحالية في مناطق وجود تلك الاستثمارات من مصانع ومعامل، وهذا يعني أنه حال عودة النشاط الاقتصادي لدى مختلف الفعاليات الصناعية والتجارية، فإن العجلة الاقتصادية ستعاود دورانها وهنا يأتي دور القطاع المصرفي في معاودة ضخ الأموال اللازمة لضمان استمرارية دوران هذه العجلة، مؤكّداً أن المعادلة تبدأ من معاودة عمل المصانع والمعامل لنشاطها وبالتالي قدرتها حينها على سداد قيمة القروض الحاصلة عليها ليتسنى عندئذ للمصارف معاودة منح التسهيلات الائتمانية والقروض لجميع الفعاليات أي عندما يعود نبض العملية الاقتصادية لوضعه السليم.
ويرى مراقبون أن المصارف لا تزال ضمن الواقع الحالي في وضع يمكن وصفه بالجيّد وبأنها بالفعل ومن خلال الإجراءات الداخلية التي اتخذتها والإجراءات الاحترازية وقرارات الجهات الحكومية المشرفة عليها استطاعت أن تتعامل مع الأوضاع الحالية وتتجاوز عدداً كبيراً من الاختناقات التي كانت ربما ستتعرّض لها، وإن تحسّن الظروف الاقتصادية سيمكنها ليس فقط من التغلب على مخاطر السداد والتحصيل بل معاودة النشاط الطبيعي أيضاً.