فمقابر دمشق محدودة، أي العرض محدود والطلب أكبر، وبالتالي ارتفعت أسعار القبور لمبالغ خيالية قد تلامس مليون ليرة في بعض الأحيان، وخصوصاً إذا ما عرفنا أن سعر أفضل أنواع القبور حسب تسعيرة المكتب التنفيذي لمحافظة دمشق لا تتجاوز 20 ألف ل. س.
لدى زيارتنا لمكتب دفن الموتى في محافظة دمشق للاستفسار عن السعر الحكومي للقبور وبحسب القرار رقم 43/م الصادر عن مجلس محافظة دمشق بناءً على أحكام قانون الإدارة المحلية رقم 15 لسنة 1971م فإن سعر القبر العادي من الأسفل 5000ل. س لكافة هياكل القبور ومن الأعلى يكون السعر 2500 ل. س للقبر البلوك مع شاهدة وجرن والقبر الموزاييك تكلفته نحو 10 آلاف ل. س وقبر الحجر تكلفته نحو 14 ألف ل. س وقبر الرخام نحو 16 ألف ل. س، وهناك بعض التكاليف التي لا تتجاوز ألف ليرة سورية، والعجب العجاب لماذا وصلت أسعار القبور لمبالغ كبيرة تجاوزت 700 ألف ل. س؟ سؤال يريد جواباً من المعنيين عن هذا الموضوع! والسؤال الأهم لماذا لم تتنبه محافظة دمشق لضرورة إيجاد أماكن لقبور أخرى بالعاصمة قبل أن تمتلئ وتصبح مشكلة كبيرة للمواطنين؟
صدق أو لا تصدق!
نعم هذا ثمن بعض القبور بمحافظة دمشق بعد عجز أحد المواطنين الذي رفض ذكر أسمه عن تأمين قبر لأحد أبويه بحجة لا يوجد قبور لحين رفع المبلغ الذي سيدفعه إلى سبعمئة ألف ليرة سورية وفوراً وجد قبراً بمقبرة «ممتازة» وبمكان مهم» يدفن والده في المكان الذي كان يتمناه، وبزيارتنا لمقبرة باب شرقي المخصصة للطائفة المسيحية وجدنا أن ثمة سعراً آخر قبر بيع بهذه المقبرة وصل لنحو 800 ألف ل. س كما أكد لنا المواطن الذي قام بشرائه.

نجمة وخمس نجوم
لطالما رافقت هذه العبار تصنيف المطاعم والفنادق بحسب خدماتها المتسلسلة من نجمة إلى خمس نجوم، والخدمات التي تقدمها مكاتب تعهد المناسبات للأفراح والأحزان تتسلسل خدماتها من عادية إلى ممتازة وذلك بحسب قدرة أهل الميت، فعلى سبيل المثال تقوم هذه المكاتب بتأمين كل إجراءات دفن الميت من الغسيل وتأمين سيارة دفن موتى إلى طباعة النعيات وإلى تأمين مكان العزاء (حجز صالة) مع القائمين على الخدمة من ضيافة وغيرها، فالأغنياء والمقتدرون يختارون الخدمة الممتازة بأرقى الصلات ضمن أقوى وأسرع طرق الخدمة بجميع أشكالها فعلى سبيل المثال الخدمات الجيدة والسريعة تكلف أهل الميت مبلغ 250 ألف ل. س والخدمات العادية تكلف المواطن 60 ألف ل. س.

حفار وسمسار
حفار القبور مصطلح يطلق على العاملين داخل المقابر والمصطلح واضح وصريح، أي من يقوم بحفر القبر وترميمه والعناية به، ولكن بأيامنا هذه أصبح لحفاري القبور شأن كبير وذلك بسبب الحالة النفسية لذوي الميت، إذ يقوم الحفار باستغلالهم وإلزامهم بالإكرامية رغم أنهم يقبضون ثمن تعبهم من مكتب دفن الموتى بموجب بطاقة (بون) تسعيرتها 1000 ل. س لكل قبر يحفر، والأمر اللافت للنظر أنه أصبح لكل حفار قبور عمال يقومون بعمله وهو جالس بمكتبه يطلب ويتدلل، كما قال المواطن أدهم الخطيب بعد العذاب والمبلغ الكبير الذي دفعه بسبب طمع وجشع حفاري القبور على حد قوله، وعن سبب عدم تقديمه شكوى نظامية لمكتب دفن الموتى أو لمحافظة دمشق قال إذا ذهب الغالي لا أسف على الرخيص.

رأي اقتصادي
ولنقف على التأثير الاقتصادي لارتفاع سعر القبور على الفرد والمجتمع أفاد الدكتور بشير وقاص من كلية الاقتصاد بجامعة دمشق بأن كل فرد بالمجتمع بحاجة للحصول على قبر وأن هذا الموضوع يشكل جزءاً كبيراً من اهتماماته وعن سبب ارتفاع سعر القبور لهذا الحد الجنوني كما أكد وقاص يعود لارتفاع الطلب على القبور مع عدم وجود عرض (أي إن مقابر مدينة دمشق مملوءة ولا يوجد مكان لقبر إضافي إلا إذا...) وطلب وقاص من محافظة دمشق أن تقوم بتجهيز أماكن لقبور أخرى مع التعاون مع وزارة الأوقاف لأن الحالة التي وصلنا إليها بآخر عشر سنوات بعد ارتفاع سعر القبر ثلاثة أضعاف ستؤدي إلى ضرورة ادخار الفرد جزءاً من دخله الشهري لشراء استثمار غير منتج (القبر).