مع كل فترة ضيق تمر بها سورية، تتعالى أصوات قطاع الأعمال السوري للمطالبة ببسط يديه قليلاً ليتحرك ضمن السوق، وليساهم بطريقته وبأساليبه الخاصة بحلحلة الأمور، فالقطاع الخاص الذي كان له دور في شتاء العام الماضي بتأمين الغاز، أثبت قدرته على التحرك ضمن الحدود المسموحة لتأمين الخبز، واليوم يطالب أيضاً بحل أزمة المحروقات والنقل الجوي اللذين تضررا إزاء العقوبات المفروضة على سورية.
وفي حين يرى تجار دمشق أن رواية استيراد المازوت من القطاع الخاص والتي وافقت الحكومة عليها مؤخراً صعبة التحقيق، فإن الصناعيين الذين يعانون من نقص هذه المادة يؤكدون أنه يمكن لهم ولقطاع الأعمال السوري تأمين هذه المواد، حيث تحدث رئيس اتحاد غرف الصناعة السورية فارس الشهابي لـ«الوطن» بأنه ينبغي على الحكومة أن تتوقف عن حصر تقديم جميع الخدمات بها ما لم تكن قادرة على ذلك، مبيناً بأنه يمكن للقطاع الخاص تأسيس شركات تجارية ثم السماح له باستيراد الغاز والمازوت والخبز بما يساهم في حل الأزمة التي لم تستطع الحكومة حلها لا باجتماعاتها الأسبوعية ولا باللجان التي شكلتها، مؤكداً أن القطاع الخاص لديه القدرة لحل مشكلة النقل الجوي بما يساهم في تجاوز العقوبات التي فرضت عليه ولديه القدرة لتشغيل الأفران وتصل قدرته لحد تأمين الطرق بغرض نقل المازوت والمحروقات.
ولفت إلى أن الطلب للسماح للقطاع الخاص باستيراد المازوت وإعطائه المرونة للتحرك هو طلب قديم جداً، وكان اتحاد غرف الصناعة قدمه للحكومة منذ 4 أو 5 أشهر، وقد زادت المعطيات من تحقيقه اليوم بعد عجز الحكومة عن تأمين هذه الخدمات، وقد أتت استجابتها متأخرة اليوم، مؤكداً أن القطاع الخاص يعرف معاناة الشارع ويستطيع تجاوز العقوبات، مطالباً الحكومة بنهج طريق الحكومة الكوبية والإيرانية التي استطاعت تجاوز عقوباتها من خلال إشراك القطاع الخاص.
في هذه الأثناء فإن تجار دمشق لا يقرؤون بالموافقة الحكومية إلا تحقيقاً لمطالب الصناعيين الذي يعانون من نقص المازوت ليس أكثر وليس بناءً على رغبة التجار بالاستيراد، حيث يؤكد عضو مجلس إدارة غرفة تجارة دمشق محمد الحلاق للوطن أن القطاع الخاص لن يستطيع استيراد هذه الكميات، وإن فعل فهو لن يستوردها ليوزعها على المواطنين والمنشآت الصغيرة بل يستوردها لحاجته الشخصية فقط، وهو سيدفع تكاليف زائدة لهذا الاستيراد لأنه ليس أمراً هيناً ويحتاج لتجار كبار ينفذونه ورساميل ضخمة. متحدثاً عن مشاكل كثيرة يعاني منها التجار في حالات استيراد المواد التي يتعاملون بها وأهمها مشكلة النقل، وافتقاد المستودعات الآمنة وارتفاع الدولار وهذه الصعوبات ستكون مضاعفة بحال استيراد المازوت، وكذلك وافقه نائب رئيس غرفة تجارة دمشق بهاء الدين الحسن الذي اعتبر أن هذا الاستيراد ليس سهلاً ولابد من وجود تجار كفوئين وكبار ويملكون بنى تحتية وعلاقات عامة، مبيناً بأن هذا الأمر هو لمصلحة الصناعيين وعاملاً مساعداً للحكومة لمساعدتها على تخطي الأزمة، وخاصة أن الكثير من المنشآت الصناعية توقفت بسبب نقص المازوت. مشيراً إلى أن حتى الصناعيين الذين استوردوا الغاز في العام الماضي فإنهم استوردوه بنسب ضئيلة ولتشغيل معامل السيراميك المتوقفة حصراً.
واعتبر عضو المكتب التنفيذي لقطاع الصناعة والتموين في محافظة دمشق عدنان الحكيم في حديثه لـ«الوطن» أنه يمكن للقطاع الخاص أن يلعب دوراً فعالاً في استيراد المحروقات، لكن ذلك سيرتب أعباء إضافية على التاجر الذي سيستورده بسعر مرتفع، وهو لن يفيد إلا لتشغيل المصانع المتوقفة أما إن استورده لحاجة المواطنين فهو سيبيعه بسعر السوق السوداء وبما يزيد عليها أيضاً مشيراً إلى أن القطاع الخاص لديه الأساليب الكفيلة بالتحايل على العقوبات.