نجحت مساعي الجيش العربي السوري بإغلاق طرق إمداد مسلحي حلب بالذخيرة والعتاد بفرضه طوقاً حول المدينة، ما شل طاقاتهم ومقدرتهم على شن هجمات فاعلة في الآونة الأخيرة.
وغير ذلك من معادلة الصراع على الأرض وأخلّ بموازين القوى لمصلحة الجيش الذي بات أكثر قدرة على التحكم بموازين الحسم وفرض إيقاع المعركة في خطوط التماس والجبهات الساخنة التي حسمت ساحات قتالها لمصلحته كما في منطقة الليرمون الإستراتيجية.
وشكلت وحدات الجيش حائط صد محصناً في وجه تعزيزات المسلحين القادمة من تركيا عبر الريفين الشمالي والغربي وهما المعبران التقليديان للإمدادات حيث تحاول الميليشيا المسلحة بسط سيطرتها على نقاط عسكرية للتمكن من إيصال قوافل تعزيزاتها وإدخال المسلحين العرب والأجانب المحسوبين على تنظيم القاعدة إلى تخوم مدينة حلب.
وانصبت جهود الجيش في الشهر الأخير على تعزيز تحصيناته في الطرق والممرات المؤدية إلى الريفين الشمالي والغربي وصد هجمات المسلحين المتتالية على حواجزه لفتح ثغرات في الطوق المفروض نحوهما وباءت جهود المسلحين مراراً بمد زملائهم في الأحياء الملتهبة بالسلاح بهدف نجدتهم من ضربات الجيش واستجابة لنداءات الإغاثة التي يطلقونها لمموليهم من الدول الداعمة للإرهاب على الأراضي السورية، وخصوصاً تركيا وقطر والسعودية.
فبعد سيطرة وحدات الجيش على مستديرة الليرمون والقسم الأكبر من المناطق المحيطة بها مثل منطقة المعامل والصالات التجارية في المنطقة الحرفية ومقاسم الجمعية بالتزامن مع بسط نفوذها على محور حندرات من مستديرة الجندول إلى مشفى الكندي التعليمي، تنصب جهودها لتأمين الطريق الواصل بين المستديرتين والمار عبر منطقة الشقيف الصناعية وهو السبيل الوحيد المنتخب لمرور خطوط الإمداد من الريف الشمالي.
أما منافذ إمداد الريف الغربي فشبه مقطوعة بسيطرة الجيش على المعبر القادم من دارة عزة وطريق حلب - إدلب القديم بعدما سيطرت وحدات الجيش على امتداده على قرية خان العسل وصولاً إلى قرية كفرناها. ولا يمر يوم من دون أن يدمر سلاح الجو قوافل المسلحين والذخيرة في قرى الريفين الغربي والشمالي موقعاً خسائر جسيمة في الأرواح والمعدات.
ومع اقتراب نفاد الذخيرة، هدد المسلحون قياداتهم بالانسحاب إلى ريف المحافظة أو إلى جبهات قتال أخرى مفتوحة حيث بدأت بالفعل طلائع الفارين منهم تصل إلى القرى والبلدات التي قدموا منها في ريفي حلب وإدلب، ما قرع جرس الإنذار بضرورة التحرك لمساندة من تبقى منهم عبر نقل الصراع من داخل المدينة إلى خارجها وإلهائهم بفتح جبهات جديدة في الريف ضد أهداف تنموية وخدمية وثكنات عسكرية صغيرة لا تغير السيطرة عليها من طبيعة المعركة.
معنويات المسلحين داخل مدينة حلب في الحضيض نتيجة لفقدانهم مناطق نفوذ تقليدي ولتنامي نفوذ المقاتلين الغرباء من «جبهة النصرة» وسيطرتهم على مراكز القرار إضافة إلى انعدام خطوط الاشتباك واقتصار نشاطهم العسكري على القنص، بحسب تقارير إعلامية ميدانية غربية، أما مستقبل المعركة وتحديد ساحة الحسم فتظل بيد القوات المسلحة السورية التي يساندها الرأي العام في حلب وبقية مناطق النزاع.