لم يتذمر من أي سؤال طرحته عليه، ولم يجد صعوبة في الإجابة عن أسئلتنا التي تحمل بين حروفها اتهاماً أكثر منه سؤالاً بريئاً.. طبعاً أوليس ابن الإدارة يعرف ما معه وما عليه؟
خلال الأزمة وجهت الناس أصابع الاتهام إلى الجمارك وحملتها جزءاً كبيراً من مسؤولية دخول السلاح وغيره عبر المنافذ الحدودية.
هل توقف التهريب خلال هذه الأزمة كردة فعل من قبل المعنيين وشعور بالذنب أمام هالة ما يحصل.. أم إن المسألة قضية عمل لا تتعدى ذلك والشعور الوطني مسألة نسبية!
مشكلة توزيع العناصر الجمركية على المنافذ الحدودية وخاصة الساخنة منها، ما حقيقتها وكيف قامت الإدارة على حلها؟
تغيرت الأحوال وتبدلت فما كان مرغوباً في الأمس أصبح نذير شؤم اليوم، ففي الماضي كان موظف الجمارك يدفع بكل ثقله الاجتماعي والمادي كي يخدم في إحدى المنافذ الحدودية والتي تحمل خراجها نجومية خاصة بكل واحدة على حدة..!!؟
في هذا اللقاء حاولنا مشاكسة مدير عام الجمارك مجدي حكمية ببعض الأسئلة الجريئة والخطيرة والتي يمكن أن يعتبرها بعض المسؤولين مطبات إلا أنه وللأمانة كان معنا ودوداً في إجاباته ولم يجد حرجاً من اتهاماتنا لإدارته وأوصل إجاباته كفنه في الرسم بذوق رفيع هادئ؟

  جميعنا يعرف أنكم ابن هذه الإدارة ولستم بحاجة لوقت إضافي للتعرف إليها، كما أنكم لستم بحاجة لتبدؤوا من نقطة الصفر، ما الإجراءات والأعمال التي قمتم بها خلال هذه المرحلة؟
 للمرة الأولى بتاريخ الجمارك يتم وضع استراتيجية لإدارة الجمارك وتم تعميم هذه الاستراتيجية على جميع المديريات ويعني هذا أننا وضعنا خطة عمل للمديريات كافة التابعة للإدارة ومراقبة تنفيذها بشكل دوري.
ويمكن أن أختصر بعض الإجراءات التي قمنا بها خلال هذه الفترة بإجراء مسابقة لانتقاء 3000 خفير جمركي وهذا إجراء مهم جداً وكان ينبغي أن يتم إجراء هذا الانتقاء قبل ذلك بكثير.
وكما قلتم، صحيح أنا ابن هذه الإدارة وتدرجت بهذه الوظيفة حتى وصلت إلى هذا الموقع باختصار أعرف أوجاع الإدارة وما يعانيه الموظف والأمراض التي أصابت هذه الإدارة.
إذ ليس من المعقول أن يوضع خفير أو مراقب أو رئيس قسم أو أمين بموقع اقتصادي مهم وبيده مقدرات كبيرة بإمكانه وبتوقيع بسيط أن يغير معادلة اقتصادية حقيقية يفوت من خلالها الكثير من الإيرادات على الخزينة العامة أو نرسله إلى موقع بعيد ونعطيه راتب عشرة آلاف ليرة بمعنى أن هناك ظلماً لموظف الجمارك بهذه الناحية وحاولنا ببساطة رفع سوية موظف الجمارك المادية عن طريق توزيع الغرامات الموجودة التي يحققها العاملون في إدارة الجمارك.
نحن لا نستطيع زيادة أجور العاملين في الجمارك ولكن بإعادة توزيع مبالغ الغرامات استطعنا أن نعوض للموظف ما يعادل راتبه تقريباً ويتم قبضها شهرياً.

 هل أفهم من كلامكم أنه كان هناك لعب في عملية توزيع هذه المكافآت؟
 لا، لم يكن هناك لعب بها، كان هناك سوء في توزيع مبالغ الغرامات، وبتدوير بسيط لهذا التوزيع تم إيجاد بدلات لكل موظف في إدارة الجمارك ولولا ظروف الأزمة وإن شاء الله لن تطول نعد بأن يكون راتب الموظف قد يكفيه تماماً دون الحاجة إلى التفكير بأي إساءة تصل إلى درجة الفساد وهذا على سبيل الاهتمام بالموظف.
من جهة ثانية كان هناك ازدحام واضح في أمانة نصيب وكانت الأمانة للمسافرين ولتخليص البضائع بآن واحد وكان هناك ضغط في إجراءات سفر الركاب وعملية التخليص لذلك تم إحداث أمانة مسافرين مستقلة عن أمانة التخليص وهذا من شأنه التسهيل على المسافرين وعلى تخليص البضائع أيضاً.
كما تم أتمتة أكثر من 12 أمانة جمركية في هذه الظروف الصعبة منها: المدينة الصناعية بحسياء- المنطقة الحرة بحسياء- معرض دمشق – الحسكة – كسب – المدينة الصناعية بالشيخ نجار...
ويهدف هذا كله إلى توفير الجهد والوقت واختصار الإجراءات الجمركية والمعاملات وإنجازها بأقصر وقت وهذا يسهل وتيرة العمل الجمركي وكل ذلك بهدف الوصول إلى الإدارة الإلكترونية.
كنا نطمح أن تكون أول إدارة إلكترونية بين مؤسسات الدولة أي أصبح لدينا 97% من أماناتنا مؤتمتة بشكل كامل وتعمل بأداء جيد ولكن كما تعلمون هناك أمانات فيها مشاكل من خلال الأزمة وهذا حديث آخر.
وفي مجال التعرفة الجمركية توجهنا إلى اختصار شرائحها من 13 شريحة إلى خمس شرائح فقط وللتوضيح أكثر فإن هذه العملية تحقق الشفافية في العمل وتحد من عملية التهريب والفساد، فعندما يكون لدينا عدة شرائح من الرسوم مفروضة على أصناف البضائع المتشابهة يحدث تحايل على الأنظمة الجمركية ويحدث تصريح خاطئ واللعب بدرجة التصنيع وهذا التخفيض في مسألة الشرائح يعرف أهميتها العاملون في الجمارك والمخلص.
•اختصرنا عدد نسخ البيانات الجمركية لتصبح نسخة واحدة بدلاً من 6 نسخ وهذا يضيق مساحة الفساد من خلال التقليل من عدد التواقيع والاحتكاك بالموظف قدر المستطاع.
•أما بشأن تهريب الثروة الحيوانية خارج القطر فتم تعديل النطاق الجمركي البري ووسعنا النطاق في المنطقة الشرقية وتم تنفيذ الجولات إلى المناطق الشرقية بهدف توعية المربي وأصحاب الاختصاص من الضابطة الجمركية والجهات الأخرى عن ماهية النطاق الجمركي لضبط آلية تهريب الثروة الحيوانية إلى خارج القطر.
• إلغاء التسجيل اليدوي على المنافست الورقي واعتماد التسديد على المنافست البحري الإلكتروني وهذا من شأنه اختصار كبير للوقت وسرعة في تخليص البضائع في المرافئ.
•التعميم على جميع الموظفين وخاصة بأقسام الكشف بأن يتم انجاز البيان الجمركي خلال 24 ساعة كحد أقصى.
• إعادة برمجة وتحديث الموقع الإلكتروني لإدارة الجمارك وتحميل جميع المواد والمعلومات والقرارات الجمركية على هذا الموقع ونحن بصدد إصداره عن طريق مادة دعائية على التلفزيون لاستقبال المقترحات وسيتم ذلك خلال أسبوع.

 هل تغيرت طبيعة عمل الجمارك من قبل الأزمة إلى أثناء الأزمة؟
لا لم تتغير طبيعة عمل موظف الجمارك أثناء الأزمة إلا أنه تم التأكيد على جانب أكثر من جانب فقد مالت الضابطة الجمركية إلى التدقيق أكثر وملاحقة المهربين، وإذا حاولنا أن نتحدث بعض الشيء بشكل آخر فمعظم من يحملون سلاحاً ويقاتلون الدولة هم مهربون في الأساس لذلك التركيز على الجانب الأمني مطلوب أكثر في الوقت الحالي.

 سأكون معكم أكثر صراحة من خلال ما يتداوله الناس ويتم ترديده في الشارع, عملية تحميل الجمارك مسؤولية دخول عدد كبير من المهربات والأسلحة عن طريق المنافذ الحدودية وبشكل رسمي, وهذا كان عنصراً مهماً في الأزمة الحالية؟
 لا شك أن الجمارك والسلطات الحارسة لحدودنا تتحمل مسؤولية بشكل أو بآخر, وبنسب يجب أن تكافئ مقدرات هذه الأجهزة, لدينا 2850 خفيراً جمركياً نصفهم يداوم اليوم ونصفهم الآخر في اليوم الذي يليه حسب طبيعة خدمة الخفير أي لدينا مسؤولية حراسة هذه الكيلومترات الشاسعة وتحميل الجمارك كل هذه المسؤولية فيه ظلم كبير.

  أنا أقول ما أسمعه لذلك أكرر سؤالي بشكل آخر واعذرني: هل تتحمل الجمارك مسؤولية دخول الأسلحة إلى القطر؟ بمعنى هل تبرئ الجمارك أم تدينها؟ وخاصة كانت هناك فضائح حصلت في الجمارك قبل الأزمة بوقت قصير؟
 أنا لا أدين الجمارك ولا أبرئها بالمطلق وخاصة كما قلت إن إمكانيات الجمارك متواضعة. أؤكد لك أنه لا يوجد موظف في الجمارك يساوم على دخول أسلحة أو يتواطأ مهما كان الثمن.

 بكلامي هذا لا أحمل حضرتك المسؤولية وخاصة أنكم لم تكونوا موجودين في حينها على رأس الإدارة ولكن كما سمعت وسمع الجميع أن الطريق في المنافذ الحدودية كان يباع بالساعات, عندها لا يعرف موظف الجمارك ما الذي يتم إدخاله من قبل المهربين؟
أنا أريد أن تستبعد هذه الحادثة الفردية والجمارك لم تكن كذلك, لا قبل ولا بعد الحادثة, وما جرى كان عملاً فردياً لذلك أقول إن الجمارك تحمل مسؤولية, لكن ليس بهذا القدر الكبير من المؤامرة في إدخال الأسلحة.

ما أهم المواد المهربة استيراداً وأهم المواد المصدرة تهريباً هذه الفترة؟
 أهم المواد التي يتم تهريبها خارج القطر هي المازوت ويتم ضبطها بكميات كبيرة من هذه المادة.
وأما أهم المواد المهربة استيراداً فكانت الألبسة والعطورات وأجهزة الموبايل.
فساد في توزيع المحروقات
 ألا يمكن وفي هذه الظروف - وكون بعض المنافذ الحدودية وكما تعلمون حالها - ضبط هذا الموضوع من الداخل؟
 المسألة لها علاقة بطرق توزيع المازوت والفساد طال كل الحلقات التي لها علاقة بهذا الموضوع من توزيع المازوت على محطات الوقود ومن أصحاب المحطات والحكومة قامت بخطوة من خلال وضع آلية لضبط توزيع هذه المادة لوصولها إلى المستهلك ومنع تهريبها عبر الحدود بوسائل مختلفة.

ما مدى تأثير العقوبات الأوروبية والأمريكية والعربية على واردات الجمارك خلال هذه الفترة؟
 العقوبات تطول المواطن بشكل مباشر ونحن  في إدارة الجمارك تم اتخاذ بعض الإجراءات المهمة من خلال ضبط ومراقبة مستورداتنا بشكل دقيق واستيفاء  رسومنا بشكل دقيق قدر المستطاع, حتى لا تتأثر إيراداتنا والتي تشكل رافداً مهماً للخزينة, وتصل إلى رقم مقبول في ظروف هذه الأزمة, وعلى سبيل المثال كانت إيراداتنا خلال 8 أشهر من 1/1/2011 إلى 1/9/2011 (56.2) مليار ليرة أما إيراداتنا في عام 2010 عندما لم يكن هناك أزمة على الإطلاق خلال الفترة نفسها 57.6 مليار ليرة وإيراداتنا هذا العام لنفس الفترة 44.8 مليار ليرة بالرغم من إعفاء 1200 مادة من الرسوم منذ بداية هذا العام وبالرغم من انعدام استيراد السيارات والتي تبلغ قيمة رسومها 10.5 مليارات ليرة لكل عام. عملياً نقول: إن ما حققناه في ظل الأزمة من إيرادات كان مقبولاً ومرضياً لإدارتنا كثيراً.

 بالنسبة للمسابقة التي أعلنتم عنها المطلوب 3000 خفير كما ذكرتم ما هو عدد المتقدمين؟
3370 خفيراً و860 سائقاً موزعين على جميع محافظات القطر.
في هذه الحالة وطالما عدد المتقدمين قريب من المطلوب اعتقد ليس هناك حاجة للواسطة. يضحك مدير الجمارك ويقول: الحمد لله ليس كثيراً.
لذلك أعتقد أن إدارتكم في هذه المسابقة ستكون بريئة وبحكم العدد المتقدم والعدد المطلوب من مسألة الفساد والواسطة كما كان يحصل في السابق.

 ما شكل العلاقة بين الإدارة والضابطة الجمركية؟
 الضابطة تنطوي تحت مسمى إدارة الجمارك العامة ويرأسها المدير العام والعلاقة جيدة بين الإدارة والضابطة ولا نعاني من أية مشكلة على الإطلاق فقانون الإدارة والنظام الداخلي للإدارة يحدد العلاقة بشكل طبيعي.

 سمعت أن الإدارة تعاني من عملية توزيع عناصرها على الحدود الجمركية بسبب الأزمة فالمعروف سابقاً من كان يرغب أن يخدم على الحدود يتواسط ويدفع من أجل الذهاب إلى أحد هذه الحدود وهذا الكلام ليس سراً إلا أن هناك مشكلة الآن في هذا الموضوع بمعنى ما كان مرغوباً في الأمس أصبح نذير شؤم اليوم وسؤالي ما حجم هذه المشكلة؟
-- حقيقة الأمر هناك مشكلة فإدارة الجمارك في ظل الظروف الراهنة ووجود مناطق ساخنة جداً تعرضت الإدارة لضغط كبير من أجل عدم ذهاب بعض العناصر إلى هذه المناطق الساخنة من أجل ذلك قمنا بتكليف وتشكيل لجنة وعملت هذه اللجنة وعلى مدار شهر ونصف الشهر بدراسة جميع الأضابير الخاصة بكل عنصر وتنقلاته خلال ثلاثة أو أربعة أعوام سابقة وأوجدت آلية عادلة قدر المستطاع في توزيع العناصر على جميع مناطق القطر.

هل تعتقد أن هناك مافيا  تهريب في سورية؟
لا أستطيع أن أقول هناك مافيا تهريب فأنا لا أعرف هيكلية للتهريب ولكي يكون كذلك يجب أن يكون هناك رأس وأذرع وحامٍ, وأنا ليس لي علم بهذا على الإطلاق.
أم إن هناك تهريباً, حتماً هناك تهريب.. لاشك هناك تهريب والمهرب لا يعدم وسيلة ويحاول بكل السبل للتهريب وكان لدينا آليات مهمة جداً لم نستطع تطبيقها بسبب الظروف وإن شاء الله عند انتهاء هذه الأزمة سنتابع مكافحة هذه الظاهرة حتى الوصول إلى إدارة معافاة من معظم أمراضها.

هل أنتم راضون عن أداء الجمارك في هذه المرحلة؟
ليس هذا طموحنا ونحن نطمح لأكثر من ذلك ونحن بحاجة لآليات أكثر ولن نضع الأزمة شماعة لنا ونقول الأزمة السبب بل نسعى بجميع السبل من خلال اقتراحات اقتصادية للجهات المختصة تقدمها الإدارة وبالتعاون مع جميع الجهات المعنية نسعى لتهيئة قرارات وقوانين جمركية مهمة تكافح أسباب التهريب قبل أن نكافحه على الأرض
سيرياستيبس - محمد البيرق -  تشرين .