وقعت سورية وروسيا في موسكو أول أمس اتفاقاً لإقامة مركز موحد للتعاون الجيوسياسي والعلمي والفني والتجاري يهدف إلى توطيد العلاقات الثنائية بين البلدين والإسهام في تفعيل علاقات العمل بما يعود بالنفع المتبادل على الجانبين، ويأتي ذلك في إطار علاقات الصداقة التاريخية والتعاون بين البلدين والشعبين السوري والروسي.
وينص الاتفاق على أن المركز لا يعتبر منظمة تجارية بل يقوم بتقديم الخدمات القانونية ودعم المشاريع السورية الروسية المشتركة سواء في الأراضي السورية أو الروسية وتقديم كل المعونات الممكنة للمؤسسات العلمية والفنية في البلدين.
وحضر مراسم التوقيع نائب رئيس مجلس الوزراء للشؤون الاقتصادية وزير التجارة الداخلية وحماية المستهلك الدكتور قدري جميل والأكاديمي ليونيد إيفاشون رئيس أكاديمية العلوم الجيوسياسية في روسيا وسفير سورية في موسكو رياض حداد.
وتعقيباً على توقيع هذا الاتفاق قال رئيس غرفة صناعة دمشق وريفها باسل حموي في تصريح لـ«الوطن» أن الاتفاق الموقع بين الجانبين السوري والروسي يتضمن أيضاً إحداث مركز لتبادل البضائع بين سورية وروسيا يخدم المنتجات الوطنية السورية بشكل رئيسي في ظل الأزمة التي تمر بها سورية.
وأشار حموي إلى أن المركز خاص تحت رعاية حكومية له علاقات في روسيا وكل الدول القريبة والصديقة لها، «ويمكن أن يكون هناك عرض دائم في هذا المركز».
وأضاف: كقطاع خاص سيكون بالنسبة لنا مركز دائم يتم فيه عرض بضائعنا من القطاعات المنتجة القادرة على التصدير إلى خارج سورية ويتبع لهذا المركز بنك خاص تم تأسيسه وتسهيل عملية المبادلة وتسهيل عملية تحويل القيمة من وإلى سورية.
ولفت إلى أن هناك اقتراح قدمه الجانب السوري بإقامة معرض يتم فيه الموافقة على بيع المنتجات السورية على أن تعامل هذه المنتجات معاملة خاصة، وتم الطلب أن تكون هذه البضائع معفاة من الرسوم حين إدخالها إلى روسيا ولو مرة واحدة ريثما يتم توقيع اتفاقية التجارة الحرة السورية الروسية.
وقال: هذه الاتفاقية في هذا المركز تعتبر عملية تنفيذية وهي عملية أكثر من مجالس رجال الأعمال وبالتالي يمكن أن يكون هناك تعاون بين مجلس رجال الأعمال السوري الروسي وبين هذا المركز من خلال توحيد الجهود المشتركة بين المجلس وبين المركز.
وأكد رئيس غرفة الصناعة أن ما يميز هذه الاتفاقية بأنها تأتي بغطاء ودعم حكومي من البلدين «ونحن نتطلع كصناعيين إلى أن تلقى هذه الاتفاقية طريقها إلى التنفيذ بأسرع وقت ممكن وخاصة أن هناك منتجات موسمية منها الصناعات النسيجية وموسم الشتاء سيبدأ في أيلول القادم ونتمنى من خلال هذه الاتفاقية أن يبدأ تنفيذ الشحن، وإذا لم يكن هناك إمكانية عن طريق البر التركي أن يكون هناك شحن (Cargo) جوي بين دمشق وموسكو.
من جهته قال الخبير الاقتصادي الدكتور مظهر يوسف لـ«الوطن» إن القيادة السياسية تقوم بصياغة التوجهات في حين تقوم القيادة الاقتصادية بتنفيذها، وإذا قررت القيادة السياسية التوجه نحو الشرق أي نحو روسيا وغيرها من الدول يتم وضع الإجراءات التنفيذية لهذه الاتفاقيات التي قد يتم الاتفاق عليها بشكل عام.
وأشار يوسف إلى أن الاتفاق الحالي يعكس ما قالته القيادة السياسية سابقاً في التوجه شرقاً ويأتي ترجمة لتوجه القيادة السياسية وفي هذه الحالة تكون الحكومة متوافقة مع توجه القيادة السياسية وليس كالمرات السابقة عندما كان الأمر على العكس من ذلك.
وكان النائب الاقتصادي قال إن سورية تعاني من حصار اقتصادي غربي جائر وعقوبات غربية أميركية تستهدف معيشة الشعب السوري في لقمة عيشه. وأشار جميل في مؤتمر صحفي عقده في موسكو أمس الأول مع أعضاء الوفد الحكومي الزائر لروسيا الاتحادية إلى أن العقوبات الغربية الأميركية أحادية الجانب هي مخالفة للقوانين الدولية وغير شرعية وأن الضغط والحصار الغربي الاقتصادي على سورية ساهم في منع وصول مواد أساسية إلى الشعب السوري.
ولفت إلى وجود إرادة سياسية لدى القيادة السورية بالتوجه شرقاً ليس فقط سياسياً وإنما اقتصادياً أيضاً إضافة إلى وضع رؤية إستراتيجية وطويلة المدى، «ونعتقد أن تقويم هذه العلاقات ورفعها إلى المستوى الجديد اليوم سيساهم في المستقبل المتوسط والبعيد المدى على حل المهام الكبرى الماثلة أمام الشعب السوري».
ولفت جميل إلى أن الوفد الحكومي السوري الزائر إلى روسيا توصل إلى تفاهمات عديدة مع الجانب الروسي ستظهر ترجمتها العملية خلال الأيام والأسابيع القليلة القادمة وهذه الزيارة ستكون خطوة هامة في توطيد العلاقات السورية الروسية مؤكداً أن روسيا تريد مساعدة ودعم الشعب السوري.