السبت, 07 كانون الثاني 2012
جنبلاط يسابق شركاءه في بخار الوهم الأميركي .. طباعة أرسل لصديقك
كتاب وآراء - كتاب وآراء
كتـب المقال غالب قنديل   
الخميس, 05 كانون الثاني 2012 12:45

طور السيد وليد جنبلاط من وتيرة تورطه العلني في التحريض الطائفي داخل سورية لمحاولة تأليب ضباط و جنود على التمرد و العصيان و الانحياز إلى الميليشيات التي يقودها الأخوان المسلمين و واجهتهم المتمثلة بمجلس اسطنبول و لصالح برنامج برهان غليون الذي هو

بيت القصيد في مواقف جنبلاط الذي مازال مصمما على نفاقه التحايلي بشأن المقاومة و الممانعة التي تحولت لديه إلى لازمة يكررها بلا قصد للمعنى منذ ارتداده المهزوم عن مخطط الولايات المتحدة لتصفية المقاومة اللبنانية التي حاورها و حالفها بقوة التوازنات القاهرة بعدما قاد الحملة الداخلية التي استهدفتها مرة بالتواطؤ مع الحرب الإسرائيلية في تموز 2006 بإمرة كوندوليسا رايس و إليوت آبرامز ، و مرة اخرى بقرار الخامس من أيار 2008 الذي اعترف بنفسه انه كان من تدبيره و إعداده .
يعلم جنبلاط اكثر من غيره انه فقد احترام من يسميهم بني معروف في سورية منذ تورطه في خطة تخريب سورية عام 2005 و هم كانوا تعاطفوا معه بدافع قومي غير طائفي في الثمانينات من القرن الماضي عندما ظهر عنوانا لمعركة لبنان ضد اتفاق 17 أيار و الأسطول الأميركي و ما زالوا منغصين و مشوشين امام شبهات تورط بعض كوادر ميليشياته آنذاك في التعامل مع الاحتلال الصهيوني للجبل و قد اعتملت النقمة على جنبلاط في جبل العرب المشبع بروح القومية العربية و بتقاليد الوحدة الوطنية ، عندما روج جنبلاط مشاريع التقسيم و التفتيت الطائفية الموروثة عن الانتداب الفرنسي الذي ثار عليه الجبل و قدم الشهداء فأسقط قادته غواية الدويلات و خرائطها المنبعثة مؤخرا في ممالك الوهم العثمانية و الخليجية .
جبل العرب يمثل اليوم مركز ثقل أساسي في الغالبية الشعبية السورية الداعمة للرئيس بشار الأسد و خياره المقاوم و الاستقلالي و الإصلاحي في مجابهة الحملة الاستعمارية الصهيونية التي يناصرها جنبلاط بكل صراحة ، فما يجري في سورية هو خطة تدمير القوة القومية و محاولة قلب معادلات المنطقة لمصلحة إسرائيل و لحمايتها ، و ليس احتجاجات للمطالبة بالإصلاح و بحقوق الضعفاء كما يزعم جنبلاط فهذه الكذبة الواهية سقطت في وعي السوريين من كل المشارب و الانتماءات ، و الخطة الاستعمارية الهادفة لكسر الإرادة الوطنية السورية و إلحاقها بالهيمنة الأميركية الإسرائيلية ، تتوسل الإرهاب و الفتنة التي يساهم جنبلاط في محاولة إشعالها .
الأسلوب الواقعي الذي تعمتده قوى الثامن من آذار في الشأن اللبناني لاختبار إمكانية الاحتفاظ بالتحالف السياسي الحكومي مع جنبلاط رغم تزحلقه العملي نحو مواقع متقدمة في خندق التآمر على سورية و مشاركته الهجومية في العمل الجاري بقوة لضرب موقعها الاستراتيجي المقاوم ، قد يحتمل النقاش لجهة جدواه و قابليته للاستمرار ، فتذاكي جنبلاط لا ينطلي على شركائه الذين يعلمون ان خطة تدمير القوة السورية تضمر التمهيد لتتمتها اللبنانية المتمثلة بتنظيم انقلاب استراتيجي هدفه تصفية المقاومة و يتكامل ما يعلنه جنبلاط بما يعلنه حليفه الاستراتيجي و شريكه في بخار الوهم سمير جعجع ! .
ليست مصادفة ان يحرق سعد الحريري كل السفن في تورطه ، ثم يخرج سمير جعجع من لقاءاته بجيفري فيلتمان مبشرا بقرب سقوط النظام السوري المقاوم ، ليظهر من بعدهما جنبلاط في خطوة أشد تورطا كأنما هو يسابق على صدارة الحلف اللبناني المنفذ للتعليمات الأميركية ، من خلال تحريض طائفي مسموم موجه إلى شريحة شعبية سورية و إلى تأليب ضباط و جنود سوريين على قيادتهم و دولتهم الوطنية و هو هنا يقدم الخدمة المباشرة التي يطلبها الأميركي و الإسرائيلبي في حرب استنزاف القوة السورية ، أي النيل من تماسك الغالبية الشعبية التي اعترفت بها نتائج الاستطلاع القطري و التقارير الأميركية و الإسرائيلية و العمل لإثارة البلبلة و الانقسامات داخل الجيش العربي السوري ، الذي لم تفلح محاولات التأثير على وحدته ، فقد اعترف الأميركيون أنفسهم بأن جيشهم الحر المتواجد في تركيا و داخل سورية لا يتعدى مئات الجنود الفارين بينما بعض الفارين الاخرين لا يشاركون في القتال ، في حين يطلقون التسمية بالاشتراك مع حكومة الوهم العثماني و فضائيات التحالف الاستعماري و عملائه على ميليشيات مجلس اسطنبول و معظمها من عناصر الأخوان و العراعرة و المجموعات القاعدية البندرية و الزرقاوية التي تحشد إلى سورية و حيث يتولى القيادة و التدريب ضباط من المخابرات الأميركية و الفرنسية يتواجدون في لبنان و تركيا .
هؤلاء الذين يجابهون الدولة الوطنية السورية و قواتها ، ليسوا الضعفاء بل هم العملاء و المضللون ، الذين يمول قياداتهم و هياكلهم اطراف الحلف الاستعماري و أذنابه من الممالك و الإمارات و المشيخات التي يعرفها جنبلاط جيدا و يعرف ضروب قهرها الدموي للضعفاء و المساكين ، و حيث يتطلع جنبلاط دوما لخزائن المال النفطية و يسعى للتكيف مع شروط الحصول على بعض اكياسها في مفاصل التحولات و المواجهات الكبرى ، و يمكن تفسير توقيت نقلته العدائية الجديدة بعدما تبلغ برصد موازنات خليجية ضخمة لتفعيل المؤامرة على سورية من لبنان .
يقع السيد جنبلاط أسير الوهم الأميركي الإسرائيلي مجددا في "لحظة التخلي" كالتي استقبل بها شمعون بيريز في المختارة و التي فتح فيها معبر باتر كبوابة للتجارة بالبضائع الإسرائيلية و كنطاق عمل للموساد و لاغتيال المقاومين في الجبل و إقليم الخروب و حيث أقام شريط حماية للمحتلين الصهاينة يمنع تسرب المقاتلين و السلاح للمقاومة في عمق الجنوب على امتداد إدارة سلطة الأمر الواقع التي أقامها ضد فكرة الدولة المركزية اللبنانية ، و هي نفسها لحظة التخلي التي وصفها في اعتذاره الأخير و غير المنسي لكل من الرئيس السوري المقاوم بشار الأسد و لقائد المقاومة العربية الجديدة المنتصرة السيد حسن نصرالله ، عندما توهم أن العصر الأميركي المنطلق من احتلال العراق قد خيم على المنطقة و سعى للتكيف معه متوسلا صداقة بول وولفوفيتز و ديفيد شنكر و عمل بنصائحهما السامة .
كلام جنبلاط عن سورية يشبه تهديد امين الجميل من واشنطن بقصف دمشق قبل اكثر من ربع قرن و في الحالين اشتغل بخار الوهم الأميركي و حل مكان الحسابات الواقعية ، و النتيجة المقبلة التي يبدو أن على زعيم المختارة التحضر لها هي مزيد من الخسائر و فقدان المصداقية و يبدو بكل أسف ان جنبلاط هذه المرة سيكون أشد يأسا من جدوى الاعتذار و الاعتراف بالخطيئة التي يرتكبها متعمدا فقد صار ذلك عادة مبتذلة و لا اخلاقية في تغطية الانحراف عن كل ما هو وطني تحرري و عروبي و مقاوم بذرائع شتى.

بقلم: غالب قنديل - وكالة أخبار الشرق الجديد
 

تعليقات
أضف جديد بحث RSS
+/-
التعليــق
الاسم:
البريد الالكتروني:
 
الموقع الالكتروني:
العنوان:
كود UBB:
[b] [i] [u] [url] [quote] [code] [img] 
 
 
:angry::0:confused::cheer:B):evil::silly::dry::lol::kiss::D:pinch::(:shock::X:side::):P:unsure::woohoo::huh::whistle:;):s:!::?::idea::arrow:
 

3.26 Copyright (C) 2008 Compojoom.com / Copyright (C) 2007 Alain Georgette / Copyright (C) 2006 Frantisek Hliva. All rights reserved."

 

المزيد من المقالات

من نسف شوارع دمشق؟ ليلى أم الذئب أم فلاسفة الظلام المضيء؟

News image

كتب أحد المستوطنين الصهاينة أنه عندما كان صغيراً وقف مع ابيه على سطح بيتهم الذي بني حديثا في ...

أميركا تضغط... بعدما أرعبتها الحقائق السورية

News image

قبل أن ينقضي ثلث المدة التي انتدب المراقبون العرب للعمل خلالها في سورية، بمقتضى البروتوكول الموقع بين الج...

جنبلاط يسابق شركاءه في بخار الوهم الأميركي ..

News image

طور السيد وليد جنبلاط من وتيرة تورطه العلني في التحريض الطائفي داخل سورية لمحاولة تأليب ضباط و جنو...

المؤتمر القطري الحادي عشر .. رؤية لمستقبلٍ أفضل !!

News image

ما أن أعلنت القيادة القطرية عن تحضيراتها لانعقاد مؤتمر قطري خلال الأسبوع الأول من شهر شباط القا...

سنة على فشل ارهابيي الدم !!

News image

لاريب ان التصعيد الإرهابي بأسلوبه الأعمى الانتحاري وسط دمشق نها...

سورية تفتح الباب للإعلام

News image

شكل الإعلام الساحة الرئيسية للحرب التي أعلنت على سورية، وشكل الصراع على تحديد حقيقة ما يجري في سور...

موت الأسئلة وعصر الفلسفة الثورية تعلنه سيدة من دمشق

News image

في اليوم الأخير من عام 2011 اكتشفت ان الفلسفة قد أنهت مهمتها من الوجود الانساني وأن كل الأ...

"كالدواب تحمل أسفاراً".. الكاتب الجزائري الكبير جمال الدين حبيبي: أمراء قطر ينتشون بإراقة الدم السوري

News image

أصبحت على قناعة، بأنّ ...أمراء الخيانة والعمالة في قطر، لن يدّخروا أي جهد من أجل إطالة الأزمة في سوري...

سورية وحرب الاستنزاف الأميركية

News image

تنشغل الدوائر الأميركية والغربية في تعميم الانطباع، بأن الوضع في سورية يتجه نحو انتصار خطة تدمير القوة الس...

تكتيكات خرقاء يتبعها المخططون النهائيون لمستقبل سورية والمنطقة

News image

في مقالة موسعة أقرب إلى البحث  بعنوان (سوريا معركة فاصلة: نكون أو لا نكون..!!) كتب د. سلمان محم...

المناورات الإيرانية.. رسائل ومفاعيل

News image

عندما لوح الغرب بفرض حظر نفطي على إيران تبعه «تبرع عربي» سخي بتعويض النقص عالميا اثر الحظر، ظن ...

قطر واستمرار التآمر على سورية !!

News image

نجزم ان قطر لن تتوقف عن التآمر على سورية ويكون واهم جدا من يتصور أنها ستقدم على أية...

سنة «الربيع» الكاذب

News image

صفّقت الشعوب العربية من المحيط إلى الخليج وهلّلت، ظناً منها أن التغيير من الديكتاتوريات الحاكمة إلى الديمقراطية فال...

"المعارضة السورية".. مراحل الفشل

News image

لم يخضع برهان غليون على ما يبدو لدورة عسكرية، ليعرف بأن الدبابة لا يمكن أن تقف أو تخب...

المزيد في: كتاب وآراء