تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
الاثنين 11-2-2013م - رقم العدد 15074
الثورة:     بيان الحكومة لتنفيذ البرنامج السياسي لحل الأزمة باللغة العربية        الثورة:     برنامج الحكومة لتنفيذ البرنامج السياسي لحل الازمة باللغة الانكليزية        الثورة:     برنامج الحكومة لتنفيذ البرنامج السياسي لحل الازمة باللغة الفرنسية        الثورة:     برنامج الحكومة لتنفيذ البرنامج السياسي لحل الازمة باللغة الفارسية        الثورة:     برنامج الحكومة لتنفيذ البرنامج السياسي لحل الازمة باللغة الروسية        الثورة:     برنامج الحكومة لتنفيذ البرنامج السياسي لحل الازمة باللغة الاسبانية        الثورة:     برنامج الحكومة لتنفيذ البرنامج السياسي لحل الازمة باللغة البرتغالية        الثورة:     برنامج الحكومة لتنفيذ البرنامج السياسي لحل الازمة باللغة التركية        
طباعةحفظ


لماذا يرفض أردوغان الحوار في سورية ويصر على «الحريق العربي»؟

الصفحة الاولى
الاثنين 11-2-2013م
العميد الدكتور أمين محمد حطيط *

ظن رجب أردوغان – رئيس الوزراء التركي - بأن «الحريق العربي» الذي يروج له غربيا تحت مسمى «الربيع العربي» ظن ان هذا الحريق سيقضي على مواطن القوة في الامة العربية ويفتح الطريق امامه الى زعامة العالم /الامة الاسلامية،

فعمل منطلقا من حلم العودة الى تاريخ طواه الزمن ومتكئاً على أدوات عربية واسلامية ومتسلحاً بما يظن انه سيكون في قبضته من سلاح اطلسي، وادار حربه على سورية منصبا نفسه «الخليفة» و«ولي الامر» الذي ستنقاد له الامور كما يشتهي وشجعه في ذلك لا بل غره تملق بعض العرب له وارتماء بعض السوريين - الذين تنكروا لوطنهم ولقوميتهم - بين...يديه، لكن الميدان السوري كذب الطموحات الأردوغانية التي تكسرت على صخور الصمود السوري، ولم يؤثر في هذا الصمود كل ما قامت به تركيا ومعها جبهة العدوان على سورية، وهي التي لم توفر أسلوباً أو وسيلة اوتصرفا الا ومارسته في العدوان المستمر والمتمادي ضد بلد قدم سابقاً كل ما يمكن تقديمه من اجل حبك وشائج الصداقة وحسن الجوار لا بل أقام تحالفاً استراتيجيا مع تركيا، لكن الغدر التركي قفز فوق كل ما قدمته سورية في هذا السبيل وغرز خنجره في ظهر «الصديق والحليف» ومارس سادية رهيبة باستمتاعه بنزيف الدم السوري، مستقيلا من كل قواعد الاخلاق الاسلامية والاحكام الشرعية والقانونية وراح يرعى الجرائم بحق السوريين والسوريات في بلدهم وفي مخيمات اعدها لما اسماه «لاجئين اونازحين سوريين»، ولم يتورع عن ادارة سرقة منظمة وموصوفة للمصانع والثروات السورية من اجل ضمان انهيار سورية الدولة والكيان السياسي ليضمن بعد ذلك اخضاعها لامبراطورية يحلم باقامتها على انقاض الدول العربية التي ضربها «الحريق العربي» الذي تأكد بدون شك بانه «ربيع اعداء العرب».‏

بعد كل ذلك وصل أردوغان الان الى ساعة الحقيقة التي تشير وبكل وضوح الى ان سورية خرجت من منطقة الخطر على كيانها واستقلالها بعد ان اقتنع الغرب الذي يقود العدوان بانه هزم وان الارهاب الذي عول عليه مضافا الى الضغوط السياسية والاقتصادية التي مورست ضد الشعب السوري ودولته لن يحقق الاهداف المرسومة، وبدأت التحولات في سلوك الغرب والتراجع الواضح في سياق اعادة النظر من سورية بحيث يتقدم السعي الى اعتماد الدبلوماسية والسياسة على العنف والارهاب الذي مورس حتى الان وهنا نسجل:‏

- على الصعيد الاميركي: تراجع عما كان من دعم علني لتسليح المعارضة ومنعها من القاء السلاح وحضها على القتال، وتحول الى رفض تشكيل الحكومة الانتقالية بقيادة الائتلاف الذي شكلته اميركا في الدوحة، وأتبعته بسحب اسطولها البحري من مواجهة الشواطئ السورية في خطوة تفسر وبشكل اكيد بانها بمثابة طي الورقة العسكرية والتراجع عن الدعم العسكري للجماعات الارهابية والمسلحة العاملة ضد الدولة السورية، واخيرا كان الموقف الواضح الذي اتخذه جون كيري وزير الخارجية الاميركية الجديد (وهوالذي خلف هيلاري كلينتون التي كانت تدفع باتجاه عسكرة العمل وتشجيع الارهاب في سورية) موقف ضمنه قناعة اميركا بوجوب وقف نزف الدم في سورية ووجوب اطلاق عمل دبلوماسي سريع يؤمن نجاح هذا الامر ، موقف سبقه تسريب ما دار في اروقة الادارة الاميركية من فشل المسعى الى تسليح المعارضة وترحيب اميركا بعرض رئيس ائتلاف الدوحة للحوار ، كل ذلك يؤكد بان سياسة اميركا في سورية تتجه الان وبشكل معلن نحوالعمل الدبلوماسي بدلا من العنف الذي فشلت فيه.‏

-على الصعيد الفرنسي: تراجع خجول عن تشجيع الارهاب والعنف في سورية بعد ان تشكلت قناعة فرنسية بان النظام السياسي القائم في سورية هو من القوة بحيث يجعل حمقا الاستمرار بالتفكير باسقاطه، وانها لمست مدى الحاجة الى تغيير سياستها باتجاه سورية التي تواجه بنجاح ملفت المجموعات الارهابية التي تدعي باريس بانها ذهبت الى مالي من اجل محاربتها وباتت فرنسا تمني النفس بالاستفادة من المعلومات والخبرة السورية في مواجهة الارهاب، وبالتالي لن يكون بمقدور فرنسا بعد المتغيرات الميدانية المتعددة والتحولات الدولية المسجلة لن يعود بمقدورها الاستمرار في نهج دعم العدوان خاصة في وجهه الميداني الارهابي، وباتت ملزمة بالتحول التدريجي الى الانخراط في مجموعة البحث عن حل تقود اليه عملية سياسية ودبلوماسية يفضي اليها حوار جدي بين الاطراف السوريين عامة.‏

- على صعيد الموقف الاسلامي الذي تبلور في المؤتمر الاخير لمنظمة التعاون الاسلامي في القاهرة يسجل التراجع الواضح عن مواقف اتخذت من قبل المنظمة ذاتها عندما عقدت اجتماعها قبل سنة في السعودية، وجاء بيانها الختامي الاخير ليؤكد بوضوح على وجوب وقف العنف في سورية والسعي الى البحث عن مخرج يقود اليه العمل السياسي عبر الحوار الذي تشارك فيه مكونات المجتمع السوري. (نذكر بهذا الموقف ليس من اجل اهميته وفعاليته ومعظم من حضر من دول لا يملك قراره بل يقبع في تبعية لاميركا، لكن اهميته تكمن في الاشارة الى اتجاه الريح فقط).‏

-اما على الصعيد العربي فاننا نسجل ما تشهده مصر وتونس الآن من انشقاق وصدام بين من استولى على السلطة ومارس النهج الاقصائي والالغائي، وبين الفئات الوطنية والشعبية التي كانت تحلم بحكم ديمقراطي وخدعت بمقولة «الربيع العربي» وصدقتها، واذ بها امام واقع مرعب ومشهد «حريق عربي» أين منه ما كان قائما قبله، اقله في مجال الامن حيث بات الاغتيال مبررا، ومشرعا له باعتباره تطبيق لاحكام الاسلام كما يفهمها هؤلاء وكما يسعون لفرض فهمهم المنحرف لها وجعله الاساس في تطبيق الشريعة حتى ولوعارض روح الدين وجوهره. وها هي مصر تعيش في ظل فتوى من يدعون العلم بالدين والحق بالفتيا، فتوى توجب قتل من يعارض الحاكم في مصر، اما في تونس فقد فوجئ الجميع بتبرير ضمني قدمه الغنوشي رئيس حزب النهضة - الحزب الحاكم - تبرير قتل القائد الوطني المعارض بلعيد بقوله ان «هذه الامور مألوفة الحصول في الثورات»، مواقف في مصر وتونس احدثت الصدمة المزدوجة التأثير في مسار «الحريق العربي» صدمة باتجاه سورية حيث سجل تراجعاً في دعم الارهابيين، وتصاعد جدياً الحديث عن ضرورة الحل السياسي ، وصدمة باتجاه الداخل حيث بات الشعب يخشى على نفسه ووطنه ومستقبله في ظل حكم من يتسترون بالاسلام ويجيزون لنفسهم فعل اي شيء وصولاً للقتل من اجل الاستمرار في السلطة. ورغم ان الفريق الاسلاموي (نعتمد هذه التسمية ولا نقول مسلم اواسلامي حتى لا نخلط بين هؤلاء الاستئثاريين الذين يبيحون القتل من اجل السلطة، وبين المسلم اوالاسلامي الذي يعتمد احكام الاسلامي الحنيف ويحرص على حق الاخر بالحياة والحريات العامة) رغم ان «الفريق الاسلاموي» هذا لا يزال يؤيد القتل في سورية ويسعى الى دعم القتلة والارهابيين، الا انه امام الانشغال الداخلي ومع التقلب الذي تحدثنا عنه ومع العجز عن تحقيق المبتغى في سورية بالقوة وبالارهاب فقد بات هؤلاء وفي مقدمتهم مصر تتحدث عن الحل السلمي والحوار والتفاوض بين الفرقاء السوريين.‏

في ظل هذا المشهد تجد تركيا نفسها شبه معزولة – لولا وجود قطر - تسير في اتجاه مختلف عما تقدم ولا تتقبل فكرة التراجع فلماذا التعنت والاصرار الأردوغاني على الاستمرار في اضرام النار والطرب للحريق في سورية خاصة؟‏

هنا نعود الى اصل الامور فنجد ان الاستثمار التركي في الازمة السورية قائم على الحريق والتدمير الذي ينتهي الى وضع اليد وتتلاقى اهدافها مع اسرائيل، هي تدمر لتتملك، واسرائيل تشجع على تدمير القوة السورية لترتاح.‏

من اجل هذا ترفض تركيا اخماد الحريق قبل ان يحقق الهدف لانها تعلم ان اي مخرج ينهي العنف ويعيد للشعب السوري حقه في اختيار نظامه وحكامه، يعني اسقاط الاحلام التركية في سورية وعبرها الى المنطقة والعالم الاسلامي، وضياع فرصة احياء الامبراطورية التركية، وأردوغان سيكون عندها الخاسر الاكبر على كل الصعد.‏

فأردوغان «نجح» في ممارسة سياسة صفر اصدقاء بدل سياسة «صفر مشاكل» التي ادعاها ، و«نجح» في ضرب معنويات الجيش التركي عبر القاء المئات من الضباط في السجن بمن فيهم كبار الجنرالات، وحمل اخرين على الاستقالة خاصة في سلاحي البحرية والجو، كما «نجح» في الامعان بالتبعية للاطلسي ودون ان ينجح في كسب وعد ولو كاذباً في الدخول الى الاتحاد الاروبي، و«نجح» في التراجع عن مواقفه تجاه اسرائيل وبلع تهديداته وداس على كرامته وتخلى عن دماء الجنود الاتراك، ثم اضطر للدخول في بازار التراجع والتنازل في الملف الكردي، اي باختصار «نجح» في ضرب الكيان التركي في مقومات القوة والكرامة والعلاقات الدولية (اما الاقتصاد فحدث ولا حرج)، وكان يتأمل ان ينجح في مشروعه العدواني ضد سورية فيعوض اويحجب عن نظر الشعب التركي الكوارث التي تسبب له بها والتي ينتظر ان يحاسبه عليها في الانتخابات المقبلة.‏

لهذا يرى أردوغان ان حريق العرب وسورية خاصة هو ربيع لتركيا ولحلفائه الاستراتيجين عامة (للغرب والصهيونية) ويعلم ان اخماد الحريق واعادة الشأن الى اصحابه اي الى الشعب السوري يعني فشل المشروع برمته لهذا يرفض أردوغان الحوار بين السوريين ويرفض اخماد الحريق ويرفض عودة الاستقرار الى سورية يرفض... ويرفض... ولكنه لا يعلم ان رفضه لن يغير مسار الاحداث ولن يؤثر في ما خطه الميدان وفي ما بات متشكلا من قناعات لدى من تبقى من مكونات الجبهة المعتدية، ولن يوقف الجيش والشعب السوري عن متابعة العمل الذي يحفر في صخر الحقيقة المبدأ القاطع «سورية لا ولن تنكسر»، يكابر ويرفض ولكن لا يعلم كما يبدو ان رفضه سيرتد عليه خسارة اوخسائر اضافية متعددة الاشكال.. اما سورية فانها وبعد ان حققت النصر الاستراتيجي تسير الان وبخطا متسارعة نحو تثبيته ميدانيا في مسيرة استعادة الامن والاستقرار واعادة البناء وترميم ما خربه الحريق.‏

* أستاذ جامعي وباحث استراتيجي‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 أمين حطيط
أمين حطيط

القراءات: 49
القراءات: 396
القراءات: 272
القراءات: 214
القراءات: 239
القراءات: 432
القراءات: 428
القراءات: 528
القراءات: 309
القراءات: 657
القراءات: 322
القراءات: 502
القراءات: 425
القراءات: 560
القراءات: 438
القراءات: 389
القراءات: 315
القراءات: 437
القراءات: 642
القراءات: 673
القراءات: 665
القراءات: 671
القراءات: 523
القراءات: 567
القراءات: 643
القراءات: 926

أرشيف المقالات لعام 2004

 

 

E - mail: admin@thawra.com

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية