الاثنيـن 16 ربيـع الاول 1434 هـ 28 يناير 2013 العدد 12480
ارسل هذا المقال بالبريد الالكترونى   اطبع هذا المقال   علــق على هذا الموضوع







 

اجتماع باريس لدعم الائتلاف السوري اليوم.. ومصادر فرنسية تعلن «تفهمها» لتردد المعارضة في تشكيل حكومة

قالت إن الأسد لم يعد يسيطر سوى على 30% من الأراضي السورية

باريس: ميشال أبو نجم
يلتئم اليوم في باريس وبدعوة من فرنسا اجتماع يضم ممثلي خمسين دولة ومنظمة إقليمية ودولية، غرضه دعم الائتلاف الوطني السوري وللنظر في ما تحقق من وعود سياسية ومالية أغدقت في مؤتمر مراكش لأصدقاء الشعب السوري الذي حصل يوم 12 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

غير أن الاجتماع الذي يفتتحه صباح اليوم وزير الخارجية لوران فابيوس يلتئم على مستوى كبار الموظفين. واللافت أن رئيس الائتلاف أحمد معاذ الخطيب سيغيب عنه «لأسباب تتعلق بالأجندة»، وفق ما أعلنته مصادر دبلوماسية فرنسية بحيث سيتمثل بنائبي الرئيس. ويحضر الاجتماع الذي وصف بأنه «تقني» ممثلو دول الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأميركية وكندا وتركيا وبلدان الخليج العربي ودول عربية أخرى مثل مصر والأردن والمغرب وتونس. كذلك تحضر الجامعة العربية وممثلون عن الاتحاد الأوروبي والمؤتمر الإسلامي والأمم المتحدة. ويسبق اجتماع باريس بيومين مؤتمر الكويت للدول المانحة للشعب السوري الذي سيلتئم يوم الأربعاء. وسيركز اجتماع الكويت على توفير التمويل اللازم لمساعدة النازحين والمهجرين السوريين في الخارج (مليار دولار) والداخل (600 مليون دولار).

وتريد فرنسا من الاجتماع أن يحقق هدفين متلازمين: الأول، إجراء «جردة حساب» لما تحقق حتى اليوم من وعود مراكش، والحصول على التزامات جديدة و«جدية» من الدول الداعمة للائتلاف الوطني. والثاني، النظر في كيفية مساعدة الائتلاف على إعادة تنظيم نفسه وإنشاء البنى التي يحتاجها، ومنها تشكيل حكومة مؤقتة تتزايد الضغوط بشأنها، فيما يطرح الائتلاف شروطه للسير بها، ومنها تأمين الموارد المالية وتوفير الدعم السياسي. وقالت مصادر فرنسية رسمية إنها «تتفهم» شروط المعارضة، مضيفة أن الائتلاف «لن يتقدم» باتجاه تشكيل حكومة مؤقتة «إلا عندما تنفذ الأسرة الدولية تعهداتها وتصبح هذه التعهدات واقعا».

وتسعى باريس ومعها الدول التي ما زالت تؤمن بأن الائتلاف الوطني يمكن أن يكون البديل الوحيد لنظام الرئيس بشار الأسد إلى «زيادة مصداقيته»، بحيث يكون فاعلا ميدانيا، بمعنى أن يكون له تأثير على مسار الأحداث. وقالت مصادر فرنسية رفيعة المستوى لـ«الشرق الأوسط» إن الائتلاف «في خطر ما دام لم يثبت وجوده ميدانيا عبر المساعدات التي يمكن أن يوفرها للسوريين في الداخل والخارج، ومنها الدعم العسكري وإظهار قدرته على إدارة المناطق التي تحررت من النظام وتمكينها من الدفاع عن نفسها». وتضيف هذه المصادر أنه «إذا كانت للائتلاف شرعية خارجية» في إشارة إلى الاعتراف الجماعي الذي قام به أصدقاء الشعب السوري في مراكش وعددهم يزيد على المائة، فإن «ما يحتاجه هو شرعية الداخل وبالتالي توفير الوسائل لذلك».

انطلاقا من هذا الواقع، تدفع فرنسا وأطراف أخرى باتجاه أن تمر المساعدات الدولية عبر الائتلاف، وهو ما بدأت القيام به باريس وعواصم أخرى مثل أوتاوا.

غير أن الأهم أن الظروف التي يأتي في سياقها اجتماع باريس تبدو بالغة الدقة بالنسبة للمعارضة. وعكس هذه الأجواء المتشائمة، قبل أيام، إعلان وزير الخارجية لوران فابيوس أن سقوط نظام الأسد «ليس وشيكا» وأن «الأمور لا تتحرك في سوريا حيث لا نبصر إشارات إيجابية تذهب باتجاه الحلول التي نتمناها، أي رحيل نظام الأسد». كذلك اعتبر فابيوس أن «المشاورات الدولية حول سوريا (في إشارة مباشرة للمباحثات الأميركية - الروسية وجهود الأخضر الإبراهيمي) لا تشهد تقدما». وأخيرا، نبه الوزير الفرنسي إلى أن الاهتمام بالملف السوري يتراجع «بسبب ظهور أزمات أخرى» ليس أقلها، من الزاوية الفرنسية، الحملة العسكرية التي تقوم بها باريس في مالي منذ 15 يوما.

وينطبق على السياسة الفرنسية إزاء سوريا القول الشائع «العين بصيرة واليد قصيرة»، ذلك أن فرنسا تعي مكامن الخطر والضعف بالنسبة للمعارضة. غير أن قدرتها على التأثير والإقناع غير كبيرة ليس فقط بالنسبة لروسيا وإيران، حليفتي النظام السوري، ولكن كذلك على الشريك الأميركي.

وقالت مصادر فرنسية معنية بالملف السوري إن واشنطن «غير مقتنعة حتى الآن بقدرة الائتلاف على أن يكون بديلا جديا عن النظام»، كما أنها «لا تجد فائدة في الوقت الحاضر من تشكيل حكومة مؤقتة». وتضاف إلى هاتين الحجتين حجة ثالثة لعلها الأقوى وهي «التخوف في واشنطن من نمو الحركات الجهادية الإسلامية» التي تشكل حركة النصرة واجهتها الأولى. وبحسب هذه المصادر فإن واشنطن وموسكو «تلتقيان حول هذه النقطة».

وتعيد باريس موقف واشنطن المتراجع إزاء سوريا إلى «تعب» الأميركيين من الحروب، وإلى عدم رغبتها في الخوض في تجربة قريبة من التجربة العراقية في بلد بالغ الحساسية والتنوع، وإلى تخوفها من الجهاديين. ولذا يبدو من باريس أن التطور الوحيد الذي من شأنه أن «يحرك» أميركا هو لجوء النظام إلى السلاح الكيماوي أو خروج هذا السلاح من تحت السيطرة وإمكانية وصوله إلى أيد «عدوة».

ويلاقي بعض هذه الحجج أصداء في باريس نفسها، حيث قال الرئيس فرنسوا هولاند لدى استقباله السلك الدبلوماسي بمناسبة العام الجديد، قبل أيام، إن فرنسا كانت أول من دعم المجلس الوطني وبعده الائتلاف، لكن على الأخير «أن يطهر صفوفه من الإرهابيين». وطرح هولاند شرطا إضافيا هو تعهد الائتلاف بـ«احترام الأقليات» مسميا منها الأقلية المسيحية.

وتجد السياسة الفرنسية ومعها العديد من الدول الراغبة في مساندة المعارضة لإسقاط نظام الأسد نفسها محشورة بين مطرقة النظام وسندان الجهاديين. ذلك أن عدم التحرك يعني ترك الباب مفتوحا لقوات النظام لتصول وتجول وتستخدم كل أنواع السلاح الذي في حوزتها. وفي المقابل، فإنها تتخوف من مصادرة الإسلاميين للثورة علما بأنها تقاتلهم في مالي.

إزاء هذا «الفخ» السياسي، تقدم باريس مجموعة من الحجج، أولاها أن دعم الائتلاف - الذي تعتبره «معتدلا» - هو الوسيلة الفضلى للتخفيف من نفوذ الجهاديين، وثانيتها أنه كلما طالت الحرب كان ذلك في مصلحة الجهاديين والنظام وإيران على السواء كل لوضعيته الخاصة. وثالثة الحجج الفرنسية أن الائتلاف قد يكون «الورقة الأخيرة» التي يمكن الاعتماد عليها لتحقيق الانتقال السياسي في سوريا بشكل «معقول» لا يفضي لا إلى النموذج الأفغاني ولا إلى النموذج العراقي.

وتحذر المصادر الفرنسية من «انفلات الوضع نهائيا» في سوريا، بمعنى حلول الفوضى وعمليات الانتقام والثأر وانهيار بنى الدولة وقيام «إمارات» متناحرة واستقواء الحرب المذهبية. أما من الناحية الميدانية فترى باريس أن الوضع ليس سيئا رغم انطباع المراوحة الذي يقفز إلى الأعين للوهلة الأولى. وهي ترى أن النظام الذي كان يسيطر على 60 في المائة من الأراضي السورية قبل ستة أشهر بات لا يهيمن إلا على 30 في المائة في الوقت الحاضر، وهي تقتصر على مجموعة من المدن أو بعضها التي يتمسك بها.

وتعطي باريس الانطباع بأنها فقدت أي أمل في حصول تغير في الموقف الروسي لجهة قبول موسكو التفسير الغربي لخطة جنيف من شأنه تسهيل الانتقال السياسي. وبالنسبة لما سمعه الإبراهيمي من الأسد خلال زيارته الأخيرة من أنه لن يضيره تدمير دمشق من أجل الحفاظ على السلطة، فإن باريس ترى أن التغيير الحقيقي لن يكون إلا ميدانيا؛ مما يعني العودة إلى مربع توفير السلاح المتطور للمعارضة حتى تكون قادرة على حماية المناطق التي تسيطر عليها وتعطل سيطرة قوات الأسد الجوية على سماء سوريا.

لكن من أجل ذلك، لا تجد باريس بديلا عن قيام حكومة سورية تتمتع بالشرعية وتتمثل في المنظمات الإقليمية والدولية وأولاها الجامعة العربية والأمم المتحدة، ولتكون بالتالي قادرة على توفير الضمانات لجهة استخدام السلاح المتطور ومصيره لاحقا، بحيث لا تتكرر التجربة الليبية حيث سقوط النظام وفر للجهاديين الذين يقاتلون في مالي اليوم السلاح اللازم.

مقتطفـات مـن صفحة
افتتاحية «الشرق الأوسط»
أفكار وتجدد في 2013
 
ارسل هذا المقال بالبريد الالكترونى   اطبع هذا المقال   علــق على هذا الموضوع
The Editor
رئيس التحريــر
Terms of use
شروط الانتفاع
Editorial
هيئة التحرير
Mail Address
العنوان البريدي
Advertising
الإعــــــلان
Distribution
التــوزيــــع
Subscriptions
الاشتراكات
Corrections
تصويبات
Copyright: 1978 - 2013 © H H Saudi Research and Marketing LTD, All Rights Reserved And subject to Terms of Use Agreement .
© جميع الحقوق محفوظة للشركة السعودية البريطانية للأبحاث والتسويق وتخضع لشروط وإتفاق الإستخدام