أجمع خبراء على أن الحرب التي تشن ضد سورية باتت في مراحلها النهائية، مؤكدين أن المعادلة في سورية انقلبت لمصلحة الدولة وأن المؤشرات تؤكد حدوث تغيرات واضحة في المشهد الدولي والإقليمي، مؤكدين أن توقيت المناورات البحرية الروسية في البحرين الأسود والمتوسط «مناسب جداً»، في ظل وجود «انعطاف جذري في مواقف الولايات المتحدة»، وأشاروا إلى أن إرسال السفن الروسية إلى شرق المتوسط جاء لتبريد الرؤوس الساخنة في المنطقة والتي تدعم الإرهاب على الأراضي السورية.
وقال الكاتب اللبناني سامي كليب في مقال نشرته صحيفة السفير اللبنانية أمس إن تصريحات الرئيسين الأميركي باراك أوباما والفرنسي فرنسوا أولاند والسياسيين الأتراك والعرب وغيرهم ولمرات عديدة عن قرب رحيل القيادة السورية ذهبت أدراج الرياح بعد جملة معطيات داخلية وخارجية أثبتت عكس تلك الأمنيات.
دمشق ساحة انتصار لمشروع على آخر في الحرب الكونية الباردة
وأوضح كليب أن من بين تلك المعطيات تأكيد أصدقاء سورية روسيا وإيران أن اشتراط «رحيل القيادة السورية يستحيل تنفيذه» -حسب ما أعلن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، وأن التدخل في هذا المعطى «خط أحمر» -حسب تصريحات لعلي أكبر ولايتي المستشار السياسي للمرشد الأعلى في إيران علي خامنئي- يدعو إلى الاستنتاج أن محور سورية وأصدقائها يتجه إلى تحقيق إنجازات أمنية وسياسية، ويولد قناعة راسخة بأن ما يجري في سورية الآن هو تجليات حرب كونية باردة باتت دمشق فيها ساحة انتصار لمشروع وهزيمة لآخر.
واستقرأ كليب من حالة الثقة والاطمئنان لدى القيادة السورية والتي يلمسها جميع من التقوا الرئيس بشار الأسد في دمشق مؤخراً ولمسوا موقفاً واضحاً يتمثل في أن «الدولة ستستمر بترسيخ أقدامها ولو طالت الحرب، فالمعركة لم تعد بين سلطة ومعارضة، وإنما بين الدولة وإرهابيين حيث سيستمر القتال حتى القضاء عليهم مهما كلف الأمر».
القيادة السورية كانت على ثقة تامة بقوة الجيش ووفاء الأصدقاء
وأشار الكاتب اللبناني إلى العوامل التي أدت إلى نجاح سورية بالسيطرة على مجريات الأحداث مبرزاً منها: «التماسك الداخلي في سورية، والثقة المتبادلة بين القيادتين السياسية والعسكرية، وتماسك جبهة الأصدقاء والحلفاء الدوليين وخاصة الموقف الروسي»، مبيناً أن «القيادة السورية (كانت لديها) ثقة تامة أن الجيش قوي وقادر على المواجهة، وأن الأصدقاء لن يتخلوا عن سورية، وأن مصير الرهان على تغير الموقف الروسي هو الفشل، لأن العلاقة المتينة مع روسيا والتي ترسخت منذ 2007، وقويت دعائمها صارت سداً منيعاً أمام أي محاولات لضرب سورية عبر مجلس الأمن أو الأمم المتحدة أو خارجهما، ولذلك تعاملت بثقة مع التطورات واتخذت القرارات على هذا الأساس». كما لفت كليب إلى أن الشواهد على الأرض تدل على أن البيئة الحاضنة للمسلحين آخذة بالتغيير الجذري، مبيناً أن «كثيرون أصبحوا يساعدون الجيش في العثور على مخابئ المسلحين، (حيث) قتل مئات المسلحين بعد مساعدة الأهالي في الآونة الأخيرة».
فورد بمرارة الفاشل: «لا أدري كيف سيرحل الأسد.. وقد لا يرحل مطلقاً»
وعلى صعيد أخر، رصد كليب «تغيرات مهمة في المشهد الدولي» تدل عليها «المعطيات الدولية والإقليمية أبرزها قلق أميركي فعلي من تمدد ما يسمى «جبهة النصرة والجهاديين» على حساب «المعارضة» المقبولة من الغرب، يرافقه شبه يقين من أن الجيش السوري ما عاد قابلاً للتفكك، وهذا الأمر ينسحب على السلك الدبلوماسي، الذي فاجأ كما الجيش السفير الأميركي السابق في دمشق روبرت فورد، الذي قال قبل أيام وهو يرفع يديه صوب السماء أمام أحد ضيوفه «لا أدري كيف سيرحل (الرئيس بشار) الأسد وقد لا يرحل مطلقاً».. قالها بمرارة الفاشل، وحسب الكاتب فإن «الصدى نفسه قد يتردد في دوائر غربية، بينها الخارجية الفرنسية».
وأضاف كليب: «من بين المعطيات الأخرى لتغير المعادلة أن التورط الفرنسي في مالي، وخطف الغربيين في الجزائر، وفشل تحرير الرهينة الفرنسي في الصومال، أيقظ كل ذلك الدول الغربية من سباتها» فيما يتعلق بخطورة الإرهابيين، وتابع: «فضلاً عن تغير في مواقف بعض الدول العربية، ووجود تفاهم روسي أميركي على الكثير من التفاصيل بشأن الأزمة في سورية.. إضافة إلى أن الدور التركي آخذ بالتراجع رغم استمرار التصريحات».
صورة المعركة على الأرض آخذة في التغير لمصلحة الجيش
ورأى الكاتب أن الأهم يبقى الواقع الميداني على الأرض، ومضى قائلاً: إن «صورة المعركة على الأرض آخذة في التغير، حيث دخلت معطيات جديدة وإستراتيجيات عسكرية، فقد تعلم الجيش من بعض الأخطاء السابقة، وترافق كل ذلك مع إجراءات اقتصادية ساهمت فيها دول مثل روسيا وإيران والعراق، ويضاف هذا كله إلى لقاءات دولية برعاية روسية تستند فيها روسيا إلى أنه لا سبيل لوقف العنف في سورية سوى سبيل واحد هو: تطبيق بيان جنيف ونقل الصلاحيات لحكومة مشكلة من كل الأطراف والإعداد للانتخابات المقبلة».